الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ
. الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والحمد لله الذي بفضله تحصل الكرامات والحمد لله الذي بإحسانه تنجلي الصعوبات، نحمده جل وعلا حمدا لا يليق إلا به ولا ينبغي إلا له، ونشهد أنه الله، كان ولا يزال قائما على شؤون عباده، لا تأخذه سِنَةٌ في ذلك ولا نوم، يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء كما العز والنصر والصحة والرزق وكلُّ النعم ققال:
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ
ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله وصفيه وخليله، ذكر سعة غنى الله تبارك وتعالى فقال لأصحابه:
يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُذْ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَمِينِهِ
فاللهم صل وسلم وبارك وأنعم عليه وآله الأطهار وصحابته الأخيار ما تعاقب الليل والنهار. أما بعد فيا أيها الأبرار إن مما أنعم الله به على هذا البلد الكريم وأفاضه عليه فوجب شكره والحفاظ عليه بكل حرص وحب وجد، عودة أقاليمه الجنوبية إلى حظيرته وذلك قبل خمس وأربعين سنة إثر تلك المسيرة المظفرة التي كان قد ألهم تنظيمها الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه ورحمه. فنعمة هذه العودة تكمن في إعادة الوحدة الترابية إلى أصلها وإن جزئيا لأن الأصل هو أن نسعى إلى توحيد البلاد والشعب على كلمة الله والسير بها إلى حيث رضا الله ولله الحمد في الأولى والأخرى وله الشكر والمنة. الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه وآله ومن والاه. عباد الله، حين هاجر النبي وآخى بين المهاجرين والأنصار كان من أول ما أُمِرَ به هو وأصحابه الاجتماع على كلمة الله ودرءُ الفرقة حيث قيل لهم:
وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
وهذا الأمر الرباني يعنينا نحن أيضا وبشكل أكثر من المؤكد لأن حالة المسلمين في هذه الأيام مقلقة للغاية فيحق لنا أن نحتفل بوحدة البلاد ولكن دون إغفال الحفاظ عليها إذ لا مجال لإثارة النزعات العرقية ولا لإذكاء الحقد بين الفرق الإثنية لأن ذلك من الجاهلية، فعن جَابِرٍ قال:
غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ فَقَالَ: مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ، قَالَ: مَا شَأْنُهُمْ فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ الْمُهَاجِرِيِّ الْأَنْصَارِيَّ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ : دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَة
صحيح أن أصل المغاربة متعدد فهذا صحراوي وذاك بربري والآخر عربي ولكن هل هذا يغير من كونهم جميعا مسلمين وحتى من هم غير مسلمين أليسوا مواطنين حقا يتمتعون بحقوقهم كاملة؟ فهذا ما يعنيه احتفالنا بذكرى المسيرة الخضراء وما ترومه من دروس. فاللهم اغفر لنا وارحمنا واجعلنا من الحامدين اللهم أبعد عنا الكفر والفرقة يا رب العالمين وانصر ولي أمرنا وأقر عينه بولي عهده والحمد لله.