Archives de catégorie : Prêches

أفعال مختلفة محبطة للعمل فاحذروها

الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمدا وافرا يليق بجلاله ونشكره جل وعلا شكرا بالغا يتماشى مع عظمته ونشهد أنه الله المتصرف في ملكه، لا يرضى لعباده الكفرَ والشركَ وتركَ الصلاة ولا سائرَ مبطلات الأعمال كقتل النفس البريئة الداعية إلى الخير، لقوله عز وجل:

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ أُولَـئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله وصفيه وخليله، حذرنا من الغلو في الدين لأنه يهلك صاحبه ويوشك أن يبطل عمله فيجعله من الخاسرين. قال عبد الله بنُ عباس رضي الله عنه:

قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ: الْقُطْ لِي حَصًى، فَلَقَطْتُ لَهُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ، هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ، فَجَعَلَ يَنْفُضُهُنَّ فِي كَفِّهِ، وَيَقُولُ: أَمْثَالَ هَؤُلَاءِ فَارْمُوا، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ

أما بعد، فلا زلنا نتقصى مبطلات الأعمال جراء تحليلنا لنداء الإيمان الثاني في سورة محمد صلى الله عليه وسلم وإن من ذلك من غير ما ذكرنا سابقا غلوُ الإنسان في حب الدنيا وتركُه للآخرة ونسيانُه إياها وذلك لقوله تعالى:

مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ

فمن رأى نفسه متبعا لهواه لا هم له إلا جمعَ حطامِ الدنيا وقد يسرت له تيسيرا، تأتيه من غير عناء ولا مشقة، فعليه أن يبادر نفسه بسؤالها عن ما يقع له مخافة أن يكون الأمر من استدراج الله له، أعاذنا الله من ذلك وجعلنا في حرزه وتحت كنفه، آمين والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه وآله ومن والاه. إن من مبطلات الأعمال، كراهيةَ القرآن وقصد إقصائه من الحياة إما بتحريف معانيه وإما بالعمل على محاربة تعاليمه وإخفائها وذلك لقوله تعالى:

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ

وإياك ثم إياك أن تغرك نفسك فتذهب بك في خضم كراهية رضوان الله للانغماس في الحرام ولو في السر وذلك لقوله تبارك تعالى:

ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ

ومن مبطلات الأعمال أيضا الصد عن سبيل الله ومُشاقّةُ الرسول أي معاداته والخروجُ عن طاعته وعدم احترامهُ والاستخفافُ بأمره أو الاستهزاء بأحكامه وهذا أمر ظاهر بين لا غبار عليه لقوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ

ومشاقة الرسول هذه ستكون لنا عودة إليها عند الندائين اللاحقين من سورة الحجرات فنرجو الله أن يوفقنا ويثيبنا على ما نحن عليه من عمل. ثم هناك المنُّ والأذى وقد سبق لنا ذكره بمناسبة تحليلنا للنداء الثامن من سورة البقرة فهو بمثابة الرياء أي الشرك الأصغر بل الكفر:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ

وبقي لنا ذكر مبطلات ثلاث أخر نرجئها بحول الله إلى الأسبوع القادم وهي التألِّي على الله سبحانه والابتداعُ في الدين ثم العمل على رعاية الفساد والقيام بالإفساد في الأرض، فاللهم اغفر لنا وارحمنا، اللهم إننا نرجوك فلا تخيب رجاءنا فيك وانصر ولي أمرنا وأقر عينه بولي عهده وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين والحمد لله رب العالمين.

اخذروا ترك الصلاة فإنه من مبطلات العمل

الحمد لله رب العالمين نحمدك ربي حمدا يوافي نعمك ونشكرك إلهي شكرا يكافئ مزيدك، لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ونحن مقرون بذلك تمام الإقرار ونستغفرك على كل تقصير، ثم نشهد أنك الله الحليم الكريم ذو الفضل العظيم والآلاء المبين، نبهتنا إلى سيد الأعمال وأرفعها منزلة عندك، فقلت وقولك دائما حق:

حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ

ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبدُ الله ورسوله، أشار صلى الله عليه وسلم إلى أهمية الصلاة في حياة الإنسان، وبالنسبة للمسلم على وجه الخصوص فقال في ما يرويه الإمام الترمذي بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه:

إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ

أما بعد فلا زلنا مع مبطلات الأعمال التي أشار إليها النداء الثاني من نداءات الإيمان في سورة محمد. وموعدنا اليوم مع المبطل الثالث الذي يأتي مباشرة بعد الكفر والشرك ألا وهو ترك الصلاة تهاونا لقوله عز وجل:

فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ

وهذا تحذير شديد اللهجة من التهاون بالصلاة لأن الويل الذي هو مآل الساهين عنها، كما هو معلوم، واد في نار جهنم والعياذ بالله لا يرده إلا من حبط عمله وخاب سعيه وكان في الآخرة من الخاسرين خصوصا وقد جاء في الحديث الصحيح تحذير من ترك الصلاة بقوله صلى الله عليه وسلم:

مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ..ولما سئل عن أَيِّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: الصَّلاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا

فنسأل الله تعالى أن يعينا على المحافظة عليها ولله الحمد أولا وآخرا.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه وآله ومن والاه. عبادَ الله، إذا أراد أحدنا أن يوصي غيره بشيء ينفعه في دينه ودنياه فليوصه بإيقام الصلاة، لأن الصلاة هي مفتاح السعادة، فبها تُفتح أبوابُ الجنة وقبل ذلك بها يذوق الإنسان حلاوة الأنس بالله في الدنيا. وما أعظم هذه الحلاوة التي لا يعلمها حقيقتها إلا من ذاقها. أما من لم يذقها فقد فاته أمر عظيم وضاع منه خير كثير، فالصلاة هي الآصرة التي بها يحتمي الضعيف بالأقوى والصغير بالأكبر والفقير بالأغنى وهي التي قال فيها الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وأرضاه:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا حَزَبهُ أَمْرٌ صَلَّى

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلاةِ

وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ

إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ

لأنه صلى الله عليه وسلم وهو أدرى الناس بدور الصلاة العظيم، كان يجد فيها راحته فمن منا لم يسمع بالقول المأثور عنه « أرحنا بها يا بلال » يعني الصلاة ومن منا لا يعلم الحديثَ المرويَّ عنه من طريق أنس رضي الله عنه:

وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ

فيا لها من عمل عظيم لا نملك إلا أن ندعو إلى إقامته وتجريب صنيعه في النفوس وفعله في القلوب وأثره العميق في إصلاح السلوك وتقويم ما اعوج من الأخلاق حتى كانت هي همَّ إبراهيم عليه السلام الأول فقال:

رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء

فاللهم اغفر وارحم وأنت خير الراحمين اللهم اجعلنا من الذين يقيمون الصلاة حق إقامتها ويخشعون فيها حق الخشوع ولا يضيعونها أبدا ما صعدت فيهم روح وخرج منهم نفس وانصر ولي أمرنا والحمد لله.