Archives de catégorie : Prêches

من مقتضيات الإيمان بالرسول إقام الصلاة وإيتاء الزكاة

الحمد لله رب العالمين نحمدك ربي ونشكرك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، نستغفرك ونتوب إليك ونشهد ألا إله غيرك قرنت بين الأمر بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة في أربع عشرة موضع من كتابك فقلت وقولك الحق الذي لا يُعلى عليه ولا يليق الأخذ إلا منه:

وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ (6)

يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ (4)

وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ (3)

وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ (1)

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله وصفيه وخليله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كان صحابته يبايعونه على إقامِ الصلاة وإيتاءِ الزكاة فيشكل ذلك العمودَ الفقري لإسلامهم كما جاء في الصحيح عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه، قال:

بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ

أيها المؤمنون، نواصل اليوم العيش في ظلال نداءِ الإيمان الوحيد في سورة الحديد، ذاك النداء الذي حثنا فيه ربنا على تقواه ثم الإيمان برسوله وقد أخذنا على أنفسنا تتبع مظاهر الإيمان بهذا الرسول الكريم وقلنا إن أول مظهر من تلك المظاهر إقامة الفرائض كما كان يقيمها r وأولها الصلاةُ والزكاة كما هو معلوم، فماذا نعني يا ترى بإقام الصلاة؟ الصلاة عباد الله عمود الدين بها يعرف المؤمن من غيره فمن أقامها حق إقامها كان مؤمنا به r، متبعا إياه، مدركا محبة الله لأن الصلاة ستنهاه عن الفحشاء والمنكر ومن وصل إلى هذا المستوى كان حقا مقيما للصلاة مؤديا لها بالوجه الذي أراده الله ورسوله فاللهم وفقنا والحمد لله.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه وآله ومن والاه. من الآيات التي تحث على إقام الصلاة قوله تعالى في سورة هود ثم الإسراء:

وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ

أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ

وهذا نأخذ منه أن الصلاة تؤدى في أوقات معينة لا مجال لإخراجها عنها وهذا من أعظم مظاهر إقامها. أجل إذا كنت متبعا للحبيب فلا تجمع أبدا بين صلواتك بل احرص دائما على أدائها في أول وقتها وليكن ذلك هو ديدنك، لأن المؤمن قلبه مشتاق باستمرار للقاء ربه، فلا تترك شيئا يلهيك عن صلاتك ورحم الله من قال: قم إلى الصلاة متى سمعت النداء مهما تكن الظروف وهذا هو مصداق قول عائشة عن النبي:

إِذَا كَانَ عِنْدِي كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا نُودِيَ بِالصَّلاةِ كَأَنَّهُ لا يَعْرِفُنَا

فكن مقيما لصلاتك مؤديا شروطها وفرائضها وسننها ومستحباتها وخصوصا الخشوعَ فيها، فلا تلتفت ولا تكثر الحركة واحرص على القراءة المتأنية ودع عنك نقر الديك وكأنك تريد التخلص منها. ثم أقبل على الجماعة ولا تصل لوحدك إلا لعذر قاهر أو مرض موجع أو رخصة قائمة. أما إيتاء الزكاة فنختصره في كونه يمثل الشق الثاني والرئيس الذي ينجو به المرء من النار وأدعوكم في هذا الإطار إلى تدبر أواخر سورة المدثر حين يبرر أهل العذاب دخولهم إلى سقر بقولهم:

قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ

فاللهم إنَّا نسألك بأسمائك الحُسنى وصفاتك العلى أن ترحمنا وتغفر لنا وتردنا إليك ردا جميلا اللهم أصلح أقوالنا وأعمالنا في سِرِّنا وعَلَانِيَتِنا اللهم وانصر ولي أمرنا وأقر عينه بولي عهده والحمد لله رب العالمين.

كفانا سخرية ولمزا وتنابزا

الحمد لله رب العالمين، حمدا لك يا الله على نعمك التي لا تحصى وحمدا لك يا الله على آلائك الذي لا يستقصى، نحمدك ونشكرك كما يليق بعظيم سلطانك وينبغي لجلال وجهك ونشهد أنك الله ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكُه نهيتنا عن المعاملة السيئة واحتقار الآخرين فقلت في رابع نداء وجهته إلينا في سورة الحجرات وقولك دائما حق وصدق:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، أوضح لنا ما ينبغي أن تكون عليه علاقة الناس فيما بينهم وفيما بين المسلمين على وجه الخصوص فقال صلى الله عليه وسلم:

الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ

بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ، حَرَامٌ دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ

أما بعد، فهذا النداء العلوي العظيم كثيرا ما نقرؤه وكثيرا ما نحفظه عن ظهر قلب ولكن للأسف قل منا من ينتبه إلى معانيه العميقة التي يحملها وواجباته الكبيرة التي يوجبها وفرائضه الأساسية التي يفرضها ولا مجال لإغفالها، فنحن هنا أمام دستور يؤسس للعلاقات الإنسانية واحترام الحقوق البشرية فمتى وُجِدَ شخصان مع بعض أو تجمعهما ظروف الحياة في مكان ما، إلا ووجب على أحدهما أن لا يسخر من الآخر ولا يلمزه ولا يرميه بألقاب لا تعجبه أو تسيء إليه حتى لا يكون من الفاسقين بله من الظالمين إن هو تأخر في توبته إلى التواب الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله و آله ومن والاه. إن مسألة السخرية خطيرة للغاية فالمسلم لا يجوز له ذلك بحال، سواء مع المسلم مثله أو مع غير المسلم لأن الذي يعيش معه في أمن وأمان، كالمسلم تماما حرفا بحرف ورقما برقم ففي الحديث عن أسامة ابن زيد رضي الله عنه:

ذِمَّةُ الْمُعَاهَدِ كَذِمَّةِ الْمُسْلِمِ

فينبغي أن نفهم من قول الحبيب « المسلم أخو المسلم » « المواطن أخو المواطن »، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، وهذا هو الأصل في الأخلاق التي يدعو إليها ديننا الحنيف المفيد بأن لا تفاضل بالأجناس والأموال وإنما التفاضل بالتقوى التي لا يزن ثقلها ولا يعرف كنهها إلا الله تبارك وتعالى. فكن حذرا واذكر دائما قول ابن مسعود المربي العظيم:

لَوْ سَخِرْتُ مِنْ كَلْبٍ لَخَشِيتُ أَنْ أُحَوَّلَ كَلْبا

لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ

مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ

هذا عن السخرية، أما اللمز وهو قصد إبراز العيوب وتتبع عورات الآخرين فمثلها ودواليك ويكفينا لإظهار خطره وكبر إثمه قراءة سورة الهمزة وأما التنابز بالألقاب فهو إطلاق لقب على شخص وهو يكرهه لأن ذلك يؤذيه وقصد أذى المؤمن لا يجوز وسبابه فسوق وقتاله كفر كما ورد في الحديث. فاللهم إنَّا نسألك بأسمائك الحُسنى وصفاتك العلى إخلاصًا نقيًّا وعقلا صفيا وقلبا خاشعا ولسانا ذاكرا وخلقا ترضى به عنا. اللهم أصلح أقوالنا وأعمالنا في سِرِّنا وعَلَانيتِنا. اللهم تب علينا واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.اللهم وانصر ولي أمرنا وأقر عينه بولي عهده وأسرته وشعبه والحمد لله رب العالمين.