Archives de catégorie : Prêches

من حقوق القرآن على المسلم: حق القرأءة

الحَمْدُ لِلَّهِ مُنَزِّلِ الكتاب ومُصَرِّفِ السحاب نحمده تعالى حمدا لا حد له ونشكره جل وعلا شكرا لا ريب فيه ونشهد أنه الله، نِعمُهُ ظاهِرة وآلاؤه مُتَكاثِرة، أمرنا I بقراءة وحفظ ما تيسر لنا من القرآن الكريم للقيام به في جوف الليل والتقرب منه أكثر فقال Y في سورة المزمل:

إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفِهِ وَثُلُثِهِ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ

ونشهد أن سيدنا محمدا عبدُه ورسوله رغب في حفظ القرآن فقال:

إِنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْءَانِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ

أما بعد، فقد تحدثنا سابقا عن نعمة القرآن وكيفية شكرها بالحرص على أداءِ حقوقه كاملةً غيرَ منقوصة، وقلنا حينها إن رابعَ حق من حقوق القرآن السبعة هو حق القراءة بأن يحفظ الإنسان منه ما تيسر له عن ظهر قلب. وهذا أيها الإخوة أحرى بأن يحفز هممنا للأخذ من كتاب الله ولو قليلا، علما بأن منزلة المسلم في الجنة تقاس بقدر ما كان يحفظه من القرآن، ففي المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه:

يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْقَ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا (مَعَك)

إن فوائدَ وفضائلَ حفظِ القرآن أكثر من أن تورَدَ في خطبة كهذه وإنما نقتصر على بعضها، راجين من الله التوفيق في سعينا. إن الذي يحفظ القرآن يكفيه فضلا أنه يحمل مصحفه معه متأسيا بالرسول إسوتِهِ؛ ثم إن حفظ القرآن الكريم ينجي صاحبه من النار فعن عصمةَ بنِ مالكٍ الخطمي الأنصاري وهو صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

لَوْ جُمِعَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا أَحْرَقَهُ اللَّهُ عز وجل بِالنَّارِ

لَوْ جُمِعَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا أَحْرَقَتْهُ النَّارُ

ثم إن به تُنال الشفاعة يوم القيامة ففي حديث أبي أمامة الصحيح:

اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ

اللهم اجعلنا من حفظة كتابك ولو جزء يسيرا منه والحمد لله. الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه وآله ومن والاه. حفظة القرآن هم أهلُ الله وخاصَّتُهُ يَبْلُغُونَ بحملهم لكتاب الله في صدورهم درجةَ الملائكة الكرام، ففي الحديث الصحيح عن عائشة أن النبي r قال:

الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ

وهذا فضل ما بعده فضل حري بأن يغبطهم الناس عليه وأحرى بأن يجعلنا نتسابق في ميدان قراءة القرآن وحفظه، وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ. نعم أيها الإخوة الكرام إن أول ما ينبغي أن أخذه العالم من العلم فَيُعْرَفُ به القرآن الكريم. قال الله تعالى في سورة العنكبوت:

وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ

ثم لا بد من التأكيد على ضرورة مراجعة ما تحفظه حتى لا تعرضه للنسيان ولا بد أيضا من التأكيد على ضرورة العمل بما تحفظه وإلا باء حفظك بالفشل وهذا ليس من موضوعنا لهذا اليوم وإنما هو حق آخرُ من حقوق القرآن نعرض له في خطبة لاحقة إن شاء الله. فاللهم أعنا على حفظ القرآن وتلاوة القرآن وتعظيم القرآن والاعتقاد الصحيح في القرآن. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا وضياء أبصارنا وجِلاء أحزاننا. اللهم وفق وليَّ أمرنا وصل على نبينا والحمد لله.

من حقوق القرآن على المسلم: حق التلاوة

الحَمْدُ لِلَّهِ مُنَزِّلِ الكتاب ومُصَرِّفِ السحاب نحمده تعالى حمدا لا حد له ونشكره جل وعلا شكرا لا ريب فيه ونشهد أنه الله، نِعمُه ظاهرة وآلاؤه متكاثرة، دعانا إلى المداومة اليومية على تلاوة القرآن الكريم وعدمِ الغفلة عنها بأي وجه كان، فقال عز وجل في سورة الكهف:

وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا

ونشهد أن سيدنا محمدا عبدُه ورسوله بيَّن فضل تلاوة القرآن وأنها تجني لصاحبها أجرا عظيما لا يقدر بثمن فقال كما رواه ابن مسعود:

مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ

أما بعد، فقد تحدثنا سابقا عن نعمة القرآن وكيفية شكرها بالحرص على أداءِ حقوقه كاملةً غيرَ منقوصة وقلنا حينها إن ثالثَ حق من حقوق القرآن السبعة هو حقُّ التلاوة بأن يخصص المرء لنفسه وردا يوميا لا يفوته أبدا يواظب عليه وإن قل قدره، فقد ثبت عن الحبيب:

اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَإِنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ، وَكَانَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ

ومعنى أثبته لازمه وداوم عليه. وكان صلى الله عليه وسلم يحث على التلاوة ويقول:

مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ

فتلاوة القرآن من أفضل العبادات التي يُتَقَرَّبُ بها إلى الله تبارك وتعالى فاحرصوا عليها رحمكم الله وإياك أن تقول ليس لدي الوقت للذهاب إلى المسجد للتلاوة فليس من الضروري أن تكون في المسجد فبيت الله هو كل بيت تقام فيه الصلاة ونبي الله صلى الله عليه وسلم قدوتنا في ذلك وهو الذي دعا لإعمار بيوتنا وحُجُرَاتِنَا بالقرآن حين قال عليه الصلاة والسلام:

لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ

فوطنوا أنفسكم وتهيئوا لإعطاء كتابِ ربكم حَقَّهُ في المآنسة وحسنِ العِشرة والحمد لله. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. هناك، عباد الله، من سيتذرع بعدم إتقانه للتلاوة وأنه يخشى من أن يُخطئ أثناءها وهنا لا بد من أن نقول له « لا عليك يا أخي » يكفيك أن تُخلص النية لله وتستعد للبدء في التلاوة لتنال أجر التالين وتدرأ عنك عقوبة الهاجرين فقد جاء عن النبي الأمين أنه قال:

الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ

ولا غرو أنك بمجرد أن تبدأْ فستلاحظ تحسنا في الأداء ولذةً قليلٌ مَن يستطيع مقاومتها بعد تذوقها، فيعود ثم يزيد وصدق ربي حين قال:

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ

هنالك سَتُحَدِّدُ لنفسك الوردَ الذي تَقِرُّ به عينُك، ومن زادْ، زَادَ اللهُ له في الأجر وأكرمه وأعطاه من حيث لا يحتسب. فقد قال تعالى:

وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا

وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَءَاتَاهُمْ تَقْواهُمْ

فاللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونورَ صدورنا وضياءَ أبصارنا وحبِّب إلينا تلاوته آناءَ الليل وأطراف النهار حتى ترضى اللهم أدم علينا نعمة تلاوة القرآن وأعنا عليها ووفقنا فيها اللهم وفق وليَّ أمرنا والحمد لله.