ليس من المعقول الجري وراء المسؤولية وأنت لا تقدر عليها

الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمدا لا نحمده أحدا سواه ونشكره جل وعلا شكرا لا نشكره أحدا غيرَه ونشهد أنه اللهُ، لا إله هو، أخبرنا عن أمرٍ عظيمٍ سَيَحْصُلُ يومَ القيامةِ فقال جل في علاه:

ونشهد أن نبينا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وخليلُه ومجتباه من خلقه حَدَّثَنَا عن طبيعةِ هذا السؤالِ الذي سَيُسْأَلُهُ الناسُ فقال كما رواه الترمذي عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه:

أما بعد، فحديثنا اليوم عن المسؤولية وبصفةٍ خاصة تلك التي تُناط بأصحاب المناصب فيسيرون المؤسسات ويأخذون على عاتقهم تدبيرَ أموالها وتأهيلَ عُمَّالِها وترشيدَ إنتاجاتِها! إننا نروم الكلام عن تلك المسؤولية التي طلبها أبو ذَرٍّ الغِفَاري t لرسولِ الله فجاءه الردُّ غيرُ المتوقَع وذلك حين قال له: أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَال: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ثُمَّ قَالَ r:

فهذا النوعُ من المسؤوليةِ خطيرٌ للغاية فينبغي أن يحذره الناس فيبتعدوا عنه بكلِّ ما أوتوا من قوة، إلا من توفرت فيه شروطُ تقلدها وهي ثلاثةٌ الأمانةُ والقوةُ والعلمُ وذلك لقوله تعالى في سورة القصص على لسان بنت الشيخ الكبير من قوم مدين:

فهذه القوةُ وتلك الأمانة. أما العلم فمأخوذٌ من قول يوسفَ:

فالحفظ كنايةٌ عن الأمانة والعلم إشارةٌ إلى الكفاءةِ والدرايةِ بما هو مقبلٌ عليه مما طلبه من مسؤولية ولله الحمد والمنة. الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله. فليس من المعقول أن يجري الناسُ وراءَ المناصبِ وهم لا معرفة لهم بما تحتاجه من كفاءة وليس من المقبول أن يتنافسوا عليها وهم لا يتوفرون على ما يكفي من صلابةٍ وجرأة لاتخاذ القرارات اللازمة. ثم ليس من المفهوم أن يوضع فيها أو عليها الخونةُ الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ولا يرقبون في المواطنين إلا ولا ذمة، ففي الحديث:

فاللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا وكن لنا ولا تكن علينا يا ربنا اجعلنا هداةً مهتدين غيرَ مبدلين ولا مغيرين، وانصر اللهم وليَّ أمرنا وأقر عينه بولي عهده وكلِّ أفرادِ أسرتِه وشعبِه آمين وصل اللهم على الأمين وآخر دعوانا الحمدُ للهِ رب العالمين.

الصبر على الشدائد والاحتساب عند المصائب

الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمدا هو أهل له ونشكره جل وعلا شكرا لا يليق إلا به، صادرا من محبٍّ خَيِّرٍ صادق، ونشهد أنه اللهُ، أرشدنا إلى ما نكسب به مَحبَّتَه وننالُ القربَ منه فقال جل في علاه:

ونشهد أن نبينا محمدا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وخليلُه ومجتباه من خلقه، دلنا على علامةٍ من علاماتِ حبِّ الله تعالى للعبد فقال:

أي أن الله يبتلي عباده المحبوبين لديه بمنعهم من أشياءَ يراها الناسُ فضلا في الدنيا، بينما هي في الحقيقة مضِرَّةٌ بدينهم. ولا يقع هذا إلا لخيرٍ يريدهُ الله لهم وهم ربما لا يعلمون بعلة المنع ولا بجزاءِ الصبر عليه، فاللهم صل على محمد. أما بعد، فنحن في زمانٍ أحاطت الضغوطُ فيه بالمسلمين وأصبحتِ الفتنُ كَقِطَعِ الليل المظلمِ الحليمُ فيها حيرانٌ لا يدري أيَّ اتجاه يسلكه ولا يَعرِفُ مَن يُصَدِّقُه ومَن يُكَذِّبه، فما العمل إذن وكيف لنا أن نتصرف أمام كُلِّ هذا؟ وقبل الجواب، لا بد من أن نقول إن ما يقع في هذه الدنيا من مشاكلَ، وإن عظمت ولم نفهم كُنهها، إنما هو من قَدَرِ اللهِ وحكمتِه، فلا يليق بنا أن نجزع ولا أن تُسَاوِرنا الشكُوك في كونها خيرٌ وسلامةٌ في آخر المطاف، فكلُّ شيءٍ عندَ الله بمقدار عالمُ الغيبِ والشهادةِ الكبيرُ المتعال. إياك والظنَّ إذا مُنعت النعمةَ أو فوجئتَ النقمةَ بأنَّ ذلك لسخطٍ من الله عليك، بل إنه لحبه لك فهو سبحانه قد يُؤَخِّرُ عنك خيرا مَرْجُوًّا ليُبعِدَ عنك شرا مُطْبِقا أو ليترك المجالَ لخيرٍ أعظمَ من المؤخَرِ الأول أن يصل إليك من حيث لا تنتظره. فكم من نقمةٍ في طيها نعمة والعكس بالعكس صحيح وَعَسَى أَن تَكْرَهَ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّك وَعَسَى أَن تُحِبَّ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّك فاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنت لاَ تَعْلَم. فاللهم لك الحمدُ أولا وآخرا، في السراء وفي الضراء وحتى ترضى. الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله. إنَّ ما يقع اليوم من تقتيلٍ وتدميرٍ في غزة والضِّفَّة وما ترونه من ترويعِ الآمنين في لبنان وما يجري هناك وهناك من انتهاكٍ لمبادئ الدين وحربٍ على الله ورسوله إنما هو بأمر الله ولحكمةٍ يعلمها سبحانه، علمها من علمها وجهلها من جهلها فلا تتركوا للشيطان مدخلا يسلك منه إليكم يزعزع به إيمانَكم بل أطيعوا الله والرسول واثبتوا على ذلك واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون فهذا هو الجواب على سؤالنا الآنف. يقول الله I في سورة التغابن:

اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا وكن لنا ولا تكن علينا واجعلنا يا ربنا هداةً مهتدين غيرَ مبدلين ولا مغيرين، وانصر اللهم وليَّ أمرنا وشد أزره بصنوه وأقر عينه بولي عهده وكلِّ أفرادِ أسرتِه وشعبِه آمين وصل اللهم على الأمين وآخر دعوانا الحمدُ للهِ رب العالمين.