الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى على كل نعمه ونشكره ربي على جميع آلائه ونشهد أنه اللهُ حكى لنا مشهدا مروعا سيقع يوم القيامة بين التابعين والمتبوعين فقال وقوله سبحانه وتعالى الحق دائما وأبدا:
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَّتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ وَلَوْ تَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الاَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوَ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ
ونشهد أن نبينا محمدا عبدُ الله ورسولُه وصفيه وخليله ومجتباه من خلقه خير دليل إلى الله، أرشد إلى ما يكمل به إيمان المؤمن فقال:
مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ
ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ، أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ
أما بعدُ، فيا عبادَ اللهِ إن من أساسيات الإيمان ومكملاته أيضا محبةُ اللهِ ورسولِه. فإذا تمكنت هذه المحبةُ من قلبِ المؤمن تشبعت بها مشاعرُه وظهرت آثارُها على جوارحِه فجَدَّ في طاعةِ ربِّه وابتغاءِ مرضاته واستمسك بسنةِ نبيه واهتدى بهديه ونشط في خدمة أمته وتحلى بالغيرة فحرِص على الدفاع عن عقيدته وشريعته وعن أرض الإسلام وأهله، ونفر من كل من يعادي اللهَ ورسولَه أو يحارب الإسلام وأمته أو يعتدي على أرضه أو يقتل أو يشرد أبناءه. فهذا هو الإيمان الحق وتلك هي المحبة التي لا يجوز للمؤمن أن يتحلى بغيرها. فأين نحن من كل هذا؟ ألا يليق بنا أن نراجع أنفسنا؟ ألا يكفينا ما نراه من نفور من الدين هذه الأيام وما نلاحظه من ولاء للعدو في هذا الزمان وما نلمحه من تبعية للكفار في هذا الإبان؟ ألا نخشى أن يتبرأ هؤلاء منا يوم القيامة؟ إن اللهَ U أحقُّ بالعبادة والمحبةِ والوَلاية ورسولَه أحقُّ بالتبعيةِ والتعظيم والطاعة، في السراءِ كما في الضراء، فالله هو القوي العزيز وكلمته هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى فلا يجوز بأي وجه أن نعرض أنفسنا للعسرى ونخطئ العقبى، فلا تؤاخذنا ربَّنا بما فعل السفهاء منا والحمد لله حتى ترضى وبعد الرضى. الحمد لله والصلاة والسلام على نبيِّ الله وآله ومن والاه. إن الكافر المحارب لا عهد له ولا يمين فلا ينبغي أن نتزلف له ولا أن نتبعه بَلْهَ أن نتذلل له أو نثق في مدده ووعوده إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون. إياك أيها المؤمن أن تخنع لهؤلاء فإنهم لن يلبثوا أن يرتدوا عنك فيتبرؤوا منك تماما كما يتبرأ إبليس من أتباعه المطيعين له الخانعين بين يدي أباطله:
كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ
إن توددك للعدو لن يُجديك نفعا ولا خيرا ولن يدفع عنك شرا ولا ضرا فاستمر في مقاطعته وحربه ولو علا كبرياؤه ومهما طغت قوتُه فالمعول الحق على نصرٍ من اللهِ وفتحٍ قريب وبشر المؤمنين فاللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. اللهم كن لنا ولا تكن علينا واجعلنا هداة مهتدين غير مبدلين ولا مغيرين وانصر اللهم وليَّ أمرنا وشد أزره بصنوه وأقر عينه بولي عهده وكلِّ أفرادِ أسرتِه وشعبِه وآخر دعوانا الحمدُ للهِ رب العالمين وقوموا إلى صلاتكم خاشعين.