المحرقة مستمرة والعالم يتفرج

الحمد للهِ الذي لا يحمد على مكروه سواه نحمده عز وجل ونشكره ونستهديه ونستغفره ونشهد ألا إله غيره، لا ربَّ لنا سواه ولا معبود بحق إلا هو، حكى لنا قصةَ أصحابِ الأخدود فقال:

ونشهد أن نبينا وإمامنا وسيدَنا محمدا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وخليلُه ومجتباهُ من خلقه، وَصَفَتْهُ أمُّنا الصِّدِّيقَةُ عائشةُ قائلةً:

أما بعد فالمحرقة مستمرة، وكأن التاريخَ يعيد نفسه وأصحابُ الأخدود ما زالوا يعذبون أمام أعيننا. منذُ تسعةِ أشهرٍ والعالمُ بأسره يتفرج لموتِ أبرار غزة وإبادة أبطال وأطفال ونساءِ وشويخِ وعجائزِ القطاع، فلا رقيبَ ولا حسيبَ إلا من بعض الأشراف الذين يصرخون بين الفينة والأخرى فلا يكاد يُسمع لهم صُراخ! نحن على يقين بأن لله تعالى حكمةً في ذلك وأنَّ المظلومين سَيُجزون جناتٍ وأنهارا وأنه سبحانه سينتقم من الظالمين فيَصْلَوْنَ نارا لكنْ هل يسمح لنا هذا اليقين بالاستمرار في غض الطرف عما يقع في الميدان؟ فهناك من يلعب وآخر يرقص وغيره يضحك ومنا من هو ليس هنا بل في عالم آخر!

هل من المعقول أن نترك المجرمين يعيثون في الأرض فسادا، لا ثم لا! لا بد من فعلِ أيِّ شيءٍ ليرتدع به المجرم، فضلا عن الصُراخ والتجمهر والاحتجاج! نحن الآن في مُفْتَرَقِ الطرق إما أن نقف في جنب الله لنصرة المظلومين، وإما أن نستمر في السكوت فنُكْتَبَ في المتواطئين الظالمين؛ وحينها لن ينفعنا لا إسلام ولا إيمان ولا إحسان لأننا سيكون قد فاتنا الركب ولم تعدِ المغزى لأي كلام، ولله الأمر من قبل ومن بعد والحمد لله. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. المؤمن الحق لا يسكت عن الحق أبدا، وإن الله تبارك وتعالى لَيُعَرِّفُ حقيقتَه فيقول:

فالجهادُ بالمال وبالنفس وكلِّ الوسائل المتاحة أصبح فرضَ عين على كل أفراد الأمة، كلٌّ على قدرِ استطاعته وبالطريقة التي تلائم ظروفه. فالمهم هو ألا نقعد وألا نتثاقل وألا ننسى، ثم ألا نترك الدعاء خصوصا في جوف الليل والناس نيام فاللهم اغفر لنا وارحمنا وارحم والدينا وانصر إمامنا والحمد لله.