احذروا التعبير بما لا يرضي الله

الحمد للهِ رب العالمين والعاقبةُ للمتقين ولا عُدْوَانَ إلا على الظالمين، ونشهد أنه اللهُ وليُّ الصالحين، بعث نبينا محمدا رحمةً للعالمين ومنقذا للتائهين من سوءِ العاقبةِ يومَ الدين، فقال له في محكمِ تنزيله وهو سبحانه وتعالى أصدقُ القائلين:

ونشهد أن نبينا وإمامنا وسيدنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وخليلُه، عرَّفَ نفسَه لنا بقوله العام، عليه الصلاة والسلام:

ثم إنه صلى الله عليه وسلم بيَّن ذلك بشيء من التفصيلِ فقال كما في الصحيح:

أما بعد، ففي أيامِنا هذه، في هذا الزمان الذي كَتَبَ اللهُ لنا أن نعيش فيه والذي أصبحَ معروفًا ومحكومًا بمواقع التواصل التي ينتشر فيها المعقولُ والتفاهةُ على حدٍّ سواءٍ مع سبقٍ ملحوظٍ ومثيرٍ ومخيفٍ لهذه الثانية، نعودُ للتذكير بموقعِ سيدِنا محمدٍ وما دعا إليه r طِوَالَ أيامِ حياتِه من وجوبِ الرزانة في التفكير والتريُّثِ في إصدارِ الأحكام والتؤدةِ أثناءَ الكلام مما نحتاج إليه في هذا الزمان أكثرَ من أي وقتٍ كان. نعم أيها الإخوان اللسان أداةٌ للتعبير وهو موردٌ للهلاك في الآخرة كما بيناه غيرَ ما مرة بالدليل والبرهان، وكذلك كلُّ أداةِ تعبيرٍ من قلمٍ وكاتبةٍ ومذياعٍ وتلفازٍ وجريدةٍ ومنصةٍ وما إلى ذلك فهو في حد ذاتِهِ لسانٌ يُخشى على صاحبِهِ منهُ تمامًا كما يُخشى عليه من العضو الذي يتحرك في الفم بين الأسنان. وَرَحِمَ اللهُ أبا بكر الصديق الذي فَطِنَ لخطورة الأمر فأخذ بلسانِ نفسه يجبذه ثم يقول:

فلله دَرُّهُ رضي الله عنه وأرضاه والحمدُ لله.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله. لم نعد نفهم هذه الجرأةَ التي يتكلم بها الناسُ اليوم. فمنهم من يسب الدين من غير اكتراث ومنهم من يطعن في كتاب الله بلا حشمة بل يُصِرُّ على تغيير أحكامه من غير علمٍ ولا معرفة وفريقٌ ثالثٌ يتكلم في النبي ويهاجم حديثه باسم حريةِ التعبير وما إلى ذلك من المصطلحات الرنانة التي لا تعدو أن تكون إلا من باب الحق الذي يُرَادُ به الباطل. وإلا فما معنى أن يقول لك أحدُهم حين تفاتحه في الصلاةِ إن هذا شأني بيني وبين الله ولا أظن الأمر يتطلب كلَّ هذا الحرص، أو حين تكلمه في انتشار الفاحشةِ هذا أمرٌ طبيعي ولا حرج، فالناس أحرار! أما حين يخوض في الفرائض فَيَطْعَنُ في قسمتها ويريدُ تبديلَ حُكْمِ الله فيها، فأدهى وأمر، فاللهم اغفر لنا وانصر إمامنا والحمد لله.