إن الله يأمر بالعدل والإحسان (5)

الحمد للهِ يا رب، لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، نشهد أنك اللهُ لا ربَّ لنا سواك ولا معبودَ بحق إلا أنت، جمعت كل ما يمكن قوله عن الأخلاق فقلت سبحانك:

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُه ورسولُه، حصر بعثته في أداءِ أمرٍ جليلٍ عظيمٍ فقال عليه الصلاة والسلام:

أما بعد، فعلى مدى أربعةِ أسابيعَ عِشنا على إيقاعِ تلكَ الآيةِ العظيمةِ التي جمعت أصول الدين. وكنا في الخطبة الثانيةِ من هذه السلسلةِ المباركة قد تواعدنا على العودة للكلام عن إيتاءِ ذي القربى وذكرِ صلةِ الرحمِ التي لم نُوَفِّها ساعتها حَقَّهَا. صلةُ الرحم هي من أعظمِ تلك الأخلاق الكريمةِ التي جاءَ الحبيبُ من أجل إتمامها وهي من الإحسان ومن العدل اللذَيْنِ تمَّ الأمرُ بهما في آيةِ سورةِ النحل؛ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى. ثم إن القرآن يُحَذِّرُ من خطرِ قطعِ الرحمِ فيقول:

فكأن قطعَ الرحمِ منَ الإفساد في الأرضِ الموَرِّثِ لِلَّعنةِ وكيف لا ورسولُ اللهِ يُعَلِّمُنَا أن الرحمَ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ. فما هو الواجب إذن فعلُه لتجنب قطيعةِ الله لنا؟ نحن مطالبون بمعاملة ذوي قربانا بما يليق من الحسنى حتى ولو أساؤوا إلينا وذلك لقوله عز وجل:

فأول مطلوبٍ العملُ على إصلاحِ ما فَسَدَ من علاقةٍ مع كل من يَمُتُّ إليك بصلةِ قرابة. فعليك أن تُجَنِّدَ نفسك للتجاوزِ عن الأخطاء والصفحِ عن الزلات والحرصِ على الوُدِّ والمحبة، ثم بعد ذلك المرورِ إلى الإكرام والعطاءِ وتبادلِ الزيارات وتَفَقُّدِ الأحوال خصوصا إن كنت ميسورا وقريبُك مُقَتَّرًا عليه ولله الحمد.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله. لقد جاء في الحديث النبوي الشريف الصحيح عن أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:

والسؤالُ المطروحُ الآن هو كيف للإنسان أن يُدْرِكَ هذا الخيرَ العظيم إذا فُقِدَتْ رَحِمُه؟ ففي ظل هذه الدعوات التي تنادي بتحرير العلاقات وعدمِ تجريم الفاحشة والتطبيعِ مع الحرام مما يُنذر باختلاطِ الأنساب وولوجِ عالم الحيوانات حيث لا يُعرف من أبو من ولا أخو من ولا ابن من! إنها مشكلةٌ واللهِ تَسْتَحِقُّ النظر! فاللهم اغفر لنا وارحمنا وانصر ولي أمرنا والحمد لله.