الحمد لله رب العالمين نحمدك ربي حمدا يوافي نعمك ونشكرك إلهي شكرا يكافئ مزيدك، لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ونحن مقرون بذلك تمام الإقرار ونستغفرك على كل تقصير، ثم نشهد أنك الله الحليم الكريم ذو الفضل العظيم والآلاء المبين، نبهتنا إلى سيد الأعمال وأرفعها منزلة عندك، فقلت وقولك دائما حق:
حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ
ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبدُ الله ورسوله، أشار صلى الله عليه وسلم إلى أهمية الصلاة في حياة الإنسان، وبالنسبة للمسلم على وجه الخصوص فقال في ما يرويه الإمام الترمذي بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه:
إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ
أما بعد فلا زلنا مع مبطلات الأعمال التي أشار إليها النداء الثاني من نداءات الإيمان في سورة محمد. وموعدنا اليوم مع المبطل الثالث الذي يأتي مباشرة بعد الكفر والشرك ألا وهو ترك الصلاة تهاونا لقوله عز وجل:
فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ
وهذا تحذير شديد اللهجة من التهاون بالصلاة لأن الويل الذي هو مآل الساهين عنها، كما هو معلوم، واد في نار جهنم والعياذ بالله لا يرده إلا من حبط عمله وخاب سعيه وكان في الآخرة من الخاسرين خصوصا وقد جاء في الحديث الصحيح تحذير من ترك الصلاة بقوله صلى الله عليه وسلم:
مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ..ولما سئل عن أَيِّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: الصَّلاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا
فنسأل الله تعالى أن يعينا على المحافظة عليها ولله الحمد أولا وآخرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه وآله ومن والاه. عبادَ الله، إذا أراد أحدنا أن يوصي غيره بشيء ينفعه في دينه ودنياه فليوصه بإيقام الصلاة، لأن الصلاة هي مفتاح السعادة، فبها تُفتح أبوابُ الجنة وقبل ذلك بها يذوق الإنسان حلاوة الأنس بالله في الدنيا. وما أعظم هذه الحلاوة التي لا يعلمها حقيقتها إلا من ذاقها. أما من لم يذقها فقد فاته أمر عظيم وضاع منه خير كثير، فالصلاة هي الآصرة التي بها يحتمي الضعيف بالأقوى والصغير بالأكبر والفقير بالأغنى وهي التي قال فيها الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وأرضاه:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا حَزَبهُ أَمْرٌ صَلَّى
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلاةِ
وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ
إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ
لأنه صلى الله عليه وسلم وهو أدرى الناس بدور الصلاة العظيم، كان يجد فيها راحته فمن منا لم يسمع بالقول المأثور عنه « أرحنا بها يا بلال » يعني الصلاة ومن منا لا يعلم الحديثَ المرويَّ عنه من طريق أنس رضي الله عنه:
وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ
فيا لها من عمل عظيم لا نملك إلا أن ندعو إلى إقامته وتجريب صنيعه في النفوس وفعله في القلوب وأثره العميق في إصلاح السلوك وتقويم ما اعوج من الأخلاق حتى كانت هي همَّ إبراهيم عليه السلام الأول فقال:
رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء
فاللهم اغفر وارحم وأنت خير الراحمين اللهم اجعلنا من الذين يقيمون الصلاة حق إقامتها ويخشعون فيها حق الخشوع ولا يضيعونها أبدا ما صعدت فيهم روح وخرج منهم نفس وانصر ولي أمرنا والحمد لله.