https://youtu.be/gQSoNfgVsGM
الحمد لله نحمده تعالى ونشكره ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ونشهد أنه الله الواحد الأحد ربُّ الأرباب وعاتقُ الرقاب ومنجي عباده المؤمنين من العذاب، نبهنا إلى طريقة عظيمة نفوز حين تنزيلها بصلاته علينا وهدايته لنا وولوج جنته فقال عز وجل:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا
ونشهد أن حبيبنا محمدا عبدُ الله ورسوله خيرُ من ذكر الله وسبحه وأفضلُ من هداه الله وأيده، دلنا على فضيلة ذكر الله فقال صلى الله عليه وسلم:
أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَرْضَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَمِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ. وقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: مَا عَمِلَ امْرُؤٌ بِعَمَلٍ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ
أما بعد، فهذا هو النداء الثاني من نداءات الإيمان في سورة الأحزاب وهو دعوةٌ عامةٌ إلى التزام ذكرِ الله وتسبيحه مع بيانٍ عظيمٍ للفوائد التي يجنيها العبد من ذاك الالتزام. والأمرُ بالذكر الكثير يتكرر كثيرا في القرآن الكريم، كعندَ الجهاد وعقبَ الصلاة وفي الصباح والمساء على السواء وفي مواطنَ متعددةٍ لا تكاد تحصى حتى تساءل الناس عن معناه، فأجاب الله بكل وضوح، منوها بذوي العقول الراقية، فقال:
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ
فاللهم اجعلنا لك من الذاكرين ولآلائك من الشاكرين والحمد لله.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه وآله ومن والاه. إن السؤال الذي يطرح نفسه حين نقرأ مثل هذا هو، كيف لي إذا ذكرت الله بهذه الطريقة أن أهتم بشؤون الحياة؟ أليس لي حق في طلب الرزق؟ ألا يمكن لي أن أهتم بأهلي وأولادي؟ هلا أستطيع الذهاب إلى عملي وقضاءَ حاجاتي وأداءَ وظائفي؟ ومتى آكل وأشرَب؟ إن قول ربنا عز وجل اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا يفيد أن الذكر الكثير مراد به غير ذكر اللسان؛ فالتسبيح يكون في أوقات معينة أما الذكر المطلوب فمعناه العمل على طاعة الله بجميع ما يُتقرب به إليه وليس فقط بذكر باللسان الذي يذهب إليه الفهم أول وهلة. فالصلاة ذكر والصوم ذكر والصدقة ذكر وتلاوة القرآن بل تدبره وتطبيق ما فيه وتبليغه ذكر والعمل ذكر إذا كان فيه نفع للعباد ولم يكن فيه ما يغضب الله وما لا يلهي عن فرائض الله؛ ثم إن السعي على رزق الأولاد في الحلال من أعظم وجوه الذكر فقد جاء عن سيد الخلق r أنه قال:
دِينَارًا أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارًا أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ وَدِينَارًا تَصَدَّقْتَ بِهِ وَدِينَارًا أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِك، أَفْضَلُهَا الدِّينَارُ الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ
فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ
واعلم أنك إذا شغلت نفسك طوال يومك بذكر من نوع من هذه الأنواع فإن الله تبارك وتعالى يبارك لك في أعمالك ويأمر ملائكته فتدعو لك بالخير والتيسير، ثم إنه يتفضل عليك بهدايته فيوجهك حيث رضاه فإذا ما مُتَّ استقبلك هو وملائكته أيما استقبال فكنت من الفائزين فاللهم اغفر لنا. اللهم انصر ولي أمرنا وصل اللهم على حبيبنا وآله.