https://youtu.be/JT2FEOGZctQ
الحمد لله رب العالمين، نحمدك ربي ونشكرك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك إن لم تغفر لنا ذنوبنا فمن يغفرْها وإن لم تهدنا إلى صراطك المستقيمِ فمن يهدنا، نشهد أنك اللهُ الهادي الغفور، المُوَجِّهُ عبادَه إلى ترك الفجور، نهيتنا عن انتهاك حرمات الآخرين فقلت عز جارك:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَّكَّرُونَ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ
ونشهدُ أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله وصفيه وخليله، رآه عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضي الله عنه يطوف بالكعبة ويقول:
مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ، مَالُهُ وَدَمُهُ وَإِنْ نَظُنُّ بِهِ إِلا خَيْرًا
أما بعد فالنداءُ الثاني من نداءات الإيمان في سورة النور نداءٌ في التربية المحضة، ينهانا من خلاله ربنا عن انتهاك الحرمات أيا كان نوعها فحرمة المؤمن أعظم عند الله من حرمة الكعبة المشرفة؛ فلا يجوز لأحد أن يعتدي على حرمة غيره سواءً كانت مالا أو دما أو عرضا أو بيتا أو شرفا أو غير ذلك. أجل، إن الآية فَصَّلت في آداب الاستئذان فقط وحدودِ جوازِ ولوجِ البيوت ولكن هذا لا يعني البتة الاقتصارَ على هذه المسألة، خصوصا وأن دخولَ البيوت في هذا الزمان أصبح ذا مفهوم أوسعَ مع ما استُحْدِثَ من التقدم التقني الذي أتاح فرصا غير محمودة لتتبع العورات وما يحمله ذلك من أخطارٍ هزت أرض القيم والأخلاق هزةً عنيفةً لم يسبق لها مثيلٌ في التاريخ والعياذ بالله.
وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه وآله ومن والاه. ليس هدفي منْ إثارة هذا الموضوع الدخولُ في تفاصيلِ الآداب المشارِ إليها في النداءِ إنما الهدف لفتُ النظر إلى أفعالِ ثلاثة نقع فيها رغم أنها موضِعُ نهيٍ إلهيٍّ بين. الأول في التصوير دونَ إذنٍ من المُصَوَّرِ فهذه طامةٌ بها تشاعُ أسرارُ الناس وتُقتحَم خصوصياتُهم وتُتَّبَعُ عوراتُهم بينما النبي يقول:
مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ
وأما المعنى الثاني ففي الهواتف! إنك ترى أحدَهم ينادي على غيره من أصدقاءه أو زملائه فيرن عليه عددا لا حد له من الرنات ويكرر النداء بما في ذلك من إزعاج محتمل أو أذى، بينما الأصل أن يهدأ فيتبع السنة الصحيحة التي رواها أبو سعيد الخذري وغيرُه والتي تقول:
إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاَثاً فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ
فأين نحن من هذا الخلق الرفيع؟ إننا على العكس من ذلك تماما؛ لربما لم يجب أحدنا لظروف فإذا بالمنادي يبني على ذلك باطلا وينطلق في الكلام والتعريض والأحكام الجاهزة. ثم هناك أمر ثالث له علاقة أيضا بالهواتف والحواسيب المنغلقة بكلمة سر، فإذا بأحدهم يسعى لفكها للإطلاع على ما بداخل الجهاز الذي هو بمثابة البيت، فالزوج يسعى لمعرفة أسرار زوجه والأم مع ابنتها وهكذا استراق ما خفي:
لا تلتمس من مساوي الناس مستتراً فيكشف الله ستراً عن مساويكا .. واذكر محاسن ما فيهم إذا ذُكِروا ولا تعب أحداً منهم بما فيكا فاللهم خذ بأيدينا إلى حيث رضاك واصرفنا إلى طاعتك ورضوانك اللهم عافيتَك. اللهم انصر ولي أمرنا وصل اللهم على حبيبنا وآله.