https://youtu.be/syo3kvs3Bbw |
الحمد لله ربِّ العالمين يا ربِّ لك الحمد والشكر والثناء فأنت وحدك أهل للحمد والشكر والثناء. أما نحن فلا نُحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، نستغفرك ونتوب إليك ونشهد أن معاد الأمر كله إليك، ذكَّرتنا بما يمكن أن يصيبنا في حياتنا من ابتلاءات عظيمة تستوجب منا الصبر إلى حدوث الفرج والثقة فيك إلى انقشاع الظلمة وظهور فجر النصر ورفع الحرج، فقلت وقولك دائما حق وصواب:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُومِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا
ونشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبدك ورسولك وصفيك وخليلك دلنا على الطريقة المثلى للتعرف على نعم الله فنشكرُها، فقال صلى الله عليه وسلم:
انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
أما بعد فيا أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى حين يتولى عبدا من عباده فإنه يُغدق عليه من نعمه ما يغرقه فيها فلا يبقى لذلك العبد إلا التسلح بالثقة الكاملة والإيمان الصادق الذي يجعله يوقن بأن الله لن يفرط فيه ولو كان في أحلك الظروف، ولو مر من أصعب المراحل علما بأن قَدْرَ حمايةِ اللهِ لعباده تُقَدَّرُ بِقَدْرِ ثِقَتِهِمْ به سبحانه وإيمانِهِمْ بأنه لا محالةَ مخرجهم مما هم فيه ولو عن طريق ما يشبه المعجزة تماما كما وقع لنبي الله r في غزوة الخندق ويحكيه لنا ربنا عز وجل في نداءنا لهذا اليوم وهو النداء الأول من سورة الأحزاب التي تحتوي على سبعة من نداءات الإيمان العظيمة التي نحن بصدد دراستها ولله الحمد والشكر والمنة.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه وآله ومن والاه. إن مسألة اليقين في الله والثقةِ به جل جلاله أمرٌ جوهري في حياة المسلم إذ به يأتيه النصر من ربه والفلاحُ من سيده والفرجُ من مولاه. فمهما بلغت شدةُ مِحْنَتِك اعلم أن حسنَ ظَنِّكَ بالله منجيك مما أنت فيه ولو بعد حين فلا تبتئس أبدا ولا تيأس ولا تجزع أكثر مما ينبغي، بل ثق بالله وكن كالنبي r في الخندقِ وكيعقوبَ u حين حكى عنه ربه أنه قال لبنيه، وكان ذلك بعد أن فقد الناس جميعا كل أمل في ظهور يوسف من جديد:
يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ
فتفتق عن يقين يعقوبَ في مولاه جل وعلا ما قد علمتموه من جمع شمل أسرته ودام لها بعدُ العزُّ ما شاء الله أن يدوم إلى أن اندثرت الثقة فحال ببني إسرائيلَ من العذاب ما حال إلى أن تداركهم الله بمن أحيى فيهم الثقة في العلي القدير من جديد فقال موسى u قولته المشهورة:
كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ
فوقعت المعجزة وانفلق البحر فكان كل فرق كالطود العظيم وما كان لها أن تقع لأنه موسى وإنما حباه الله بها لثقته به ويقينه. فمتى كان العبد واثقا موقنا بنصر الله إلا ويأتيه فلا يتخلف عنه أبدا! هذا ومع ذلك فنحن لا نسأل الله البلاء، بعد آتانا اليقين، بل نسأله العافية:
سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَلَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ قَطُّ، بَعْدَ الْيَقِينِ، أَفْضَلَ مِنَ الْعَافِيَةِ. عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ مَعَ الْبِرِّ وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ مَعَ الْفُجُورِ وَهُمَا فِي النَّارِ
فاللهم خذ بأيدينا إلى حيث رضاك واصرفنا إلى طاعتك ورضوانك اللهم عافيتَك. اللهم انصر ولي أمرنا وصل اللهم على حبيبنا وآله.