Le vrai sens du Djihad

الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمدا يوافي نعمه ويستجلب مزيده ونشكره سبحانه شكرا يليق بجلاله ولا ينبغي لأحد سواه، فاللهم لك الحمد والشكر بعدد النجوم في السماء والأمواج في البحار وحبات الرمل في الصحاري، نشهد أنك اللهُ، لا معبود بحق إلا أنت، أكرمُ من سُئِل وأعظمُ من أعطى وأزكى من وجه فوفى، حين أحببت دعوةَ عبادك إلى الاستغراق في طلب رضاك قلت لهم وقولك الحق:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ
مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبدُك ورسولك، علمته الكتاب والحكمة، وأرسلته هدى ورحمة، دعا الناس إلى فعل الخير والعمل على إدخال السرور على الغير فقال للسائل عن أحب الناس إلى الله:

أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَئِنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثَبِّتَهَا لَهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامُ

أما بعد فبعد فترة ثلاثةِ أسابيعَ نعود بحمد الله إلى ما نحن بصدده من دراسة نداءات الإيمان. ونداءُ اليوم نداءُ سورة الحج الوحيد، وهو في الترتيب القرآني السادس الخمسون إذ ليس بينه وبين نداءات سورة التوبة نداء من نوعه. إنه نداءٌ جامعٌ يدعونا فيه ربنا إلى عبادته ثم إلى السير قدما غير، متوانين، في فعل الخير بكل أنواعه والحمد لله القائل:

وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ

الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه وآله ومن والاه. أيها الكرام، إن أنواع العبادة التي يُتقرب بها إلى الله لا تعد ولا تحصى وما من إنسان إلا وله حظُّ الاختيار ليجتهد في هذا النوع أو ذاك فمنهم من يجد ضالته في الصلاة ومنهم من يجدها في الصيام أو الصدقة وغيرهما يهوى قراءة وتدبرَ القرآن وهناك من الناس من لا هم له إلا في الأخذ بيد غيره لفك ما هو فيه من ألم أو ضيق أو مصيبة. فطوبى لهؤلاء ولأولئك على السواء؛ فكلهم محبوب عند الله ما دام عملهم متصل بالله، خالص له سبحانه. إلا أن الذي نفهمه من نداءنا ليس فحسب هذه الدعوةَ الربانيةَ إلى العبادة والاستزادةِ منها بل الذي يأخذ بلبنا هو الدعوةُ إلى الجهاد في الله حق جهاده بعد العمل المطلوبِ القيامِ به، ثم الاجتباءُ الوارد بعده، ثم نفيُّ الحرج في الدين علينا. أما الجهاد فهو أن المسلمَ لا ينبغي له أن يعترِيهِ الغرورُ بعبادته حين يقوم بها، بل يبقى دائما على قدمٍ وساقٍ مستعدا لفعل الخير وتقديم العمل الصالح راجيا رضى ربه مشفقا من عدم إدراك عفوه سبحانه تماما كما قال تعالى:

إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً

وأما الاجتباء الواردُ بعده فعلامةٌ على محبه الله لعبده فإذا رأى العبد نفسه قد تأخر عن فعل الخير فليحذر أن يكون ذلك إبعادا له عن ساحة الطاعة وطردا له من دائرة ربه كراهية والعياذ بالله. فالحمد لله على رفع الحرج علينا الذي يفيد أن نية فعل الخير الخالصة لها أن تعفي المسلم من إفناء نفسه. فاللهم خذ بيدنا إلى حيث رضاك اللهم عافيتَك ورحمتَك اللهم انصر ولي أمرنا وصل اللهم على حبيبنا وآله.