Ne suivez pas les traces de Satan

الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمدا لا يوازيهِ حمدٌ ونشكره جل وعلا شكرا لا يضاهيهِ شكرٌ ونشهد أنه اللهُ أهلُ الحمدِ والشكرِ والثناء لا يعزب عنه مثقالُ ذرة في الأرض ولا في السماء، أوصانا بتزكية أنفسنا من خلال ترقب فضله ورحمته، عِوَضَ اتباع عدونا في ما يخطه لنا من خطوات ويمليه لنا من إملاءات ويرصده لنا من شطحات فقال عز وجل:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لا تَتَّبِعُوا خُطْوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطْوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله، أومأ إلى الكيد الذي يكيده الشيطان للإنسان فقال كما روى ذلك الشيخان:

يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ، إِذَا هُوَ نَامَ، ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ

أما بعد فمع النداءِ الأول من نداءات الإيمان في سورة النور وهو نداءٌ في غايةِ الأهمية يَضَعُ الإنسان عامةً والمؤمنَ خصوصا أمامَ مسؤولياته عما يبذر منه من أعمال وأفعال وأقوال، أي أن أيا منا لا يمكنه ردَّ اللوم على الشيطان إذا وسوس له فعل السوء واحتراف الشر. فالشيطان بفعله هذا لا يقوم إلا بمهمته التي خلق لها، ثم يبقى عليك أنت مراعاة أحوالك لضبطها في الإطار الذي لا يجوز تجاوزه لأنك تعلم أن الله قد حذرك منه وأن لك القدرة الكاملة في عدم الاستجابة له:

إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ

وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً

نورتنا ربنا بتحذيرك فاللهم أعنا على ترك اتباع عدوك والحمد لله.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه وآله ومن والاه. أيها الأحبة نحن إذن في معركة مع أنفسنا، إن تغلبنا فيها عليها كسبنا لا محالة معركتنا مع الشيطان، الذي يأبى إلا أن يرمي بنا في السعير. يقول الله تعالى:

إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ

فما علينا إلا الاجتهادَ من أجل تزكية نفوسنا وجعلها ترتقي نحو ربنا بما يحبه ويرضاه منا. أجل إن الله تعالى هو الذي يزكي النفوس كما جاء في النداء أنه يزكي من يشاء، ولكن هل هذا يعني أن هناك ناسا يرفضون التزكية ويُرغمون عليها أو ناسا يسعون صادقين إلى تلك التزكية ويُمنعون منها؟ اللهم لا! فالإنسان هو المسؤول الأوحد على تزكية نفسه وجعلها في أعلى درجات الصلاح، مصداقا لقول ربنا:

قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى

فباللجوء إلى الصلاة وإلى الذكر وإلى العمل الصالح يمتطي المرءُ سيارة الخلاص وبإتباع خطوات إبليس يركب سفينة الدمار والعياذُ بالله:

وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا

وأحسنُ طرق تزكية النفس السعيُ إلى التفقه وألا يبقى المرء جاهلا بأمور دينه ودنياه، لأن الفِقْهَ هو الذي يجعل مهمةَ الشيطان في مهب الرياح، فقد جاء في حديث الإمام الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه:

فَقِيهٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ

مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ عَلَى إِثْرِ الْمَغْرِبِ بَعَثَ اللَّهُ مَسْلَحَةً يَحْفَظُونَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُصْبِحَ

فاللهم خذ بأيدينا إلى حيث رضاك واصرفنا إلى طاعتك ورضوانك اللهم عافيتَك. اللهم انصر ولي أمرنا وصل اللهم على حبيبنا وآله.

Le vrai sens du Djihad

الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمدا يوافي نعمه ويستجلب مزيده ونشكره سبحانه شكرا يليق بجلاله ولا ينبغي لأحد سواه، فاللهم لك الحمد والشكر بعدد النجوم في السماء والأمواج في البحار وحبات الرمل في الصحاري، نشهد أنك اللهُ، لا معبود بحق إلا أنت، أكرمُ من سُئِل وأعظمُ من أعطى وأزكى من وجه فوفى، حين أحببت دعوةَ عبادك إلى الاستغراق في طلب رضاك قلت لهم وقولك الحق:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ
مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبدُك ورسولك، علمته الكتاب والحكمة، وأرسلته هدى ورحمة، دعا الناس إلى فعل الخير والعمل على إدخال السرور على الغير فقال للسائل عن أحب الناس إلى الله:

أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَئِنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثَبِّتَهَا لَهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامُ

أما بعد فبعد فترة ثلاثةِ أسابيعَ نعود بحمد الله إلى ما نحن بصدده من دراسة نداءات الإيمان. ونداءُ اليوم نداءُ سورة الحج الوحيد، وهو في الترتيب القرآني السادس الخمسون إذ ليس بينه وبين نداءات سورة التوبة نداء من نوعه. إنه نداءٌ جامعٌ يدعونا فيه ربنا إلى عبادته ثم إلى السير قدما غير، متوانين، في فعل الخير بكل أنواعه والحمد لله القائل:

وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ

الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه وآله ومن والاه. أيها الكرام، إن أنواع العبادة التي يُتقرب بها إلى الله لا تعد ولا تحصى وما من إنسان إلا وله حظُّ الاختيار ليجتهد في هذا النوع أو ذاك فمنهم من يجد ضالته في الصلاة ومنهم من يجدها في الصيام أو الصدقة وغيرهما يهوى قراءة وتدبرَ القرآن وهناك من الناس من لا هم له إلا في الأخذ بيد غيره لفك ما هو فيه من ألم أو ضيق أو مصيبة. فطوبى لهؤلاء ولأولئك على السواء؛ فكلهم محبوب عند الله ما دام عملهم متصل بالله، خالص له سبحانه. إلا أن الذي نفهمه من نداءنا ليس فحسب هذه الدعوةَ الربانيةَ إلى العبادة والاستزادةِ منها بل الذي يأخذ بلبنا هو الدعوةُ إلى الجهاد في الله حق جهاده بعد العمل المطلوبِ القيامِ به، ثم الاجتباءُ الوارد بعده، ثم نفيُّ الحرج في الدين علينا. أما الجهاد فهو أن المسلمَ لا ينبغي له أن يعترِيهِ الغرورُ بعبادته حين يقوم بها، بل يبقى دائما على قدمٍ وساقٍ مستعدا لفعل الخير وتقديم العمل الصالح راجيا رضى ربه مشفقا من عدم إدراك عفوه سبحانه تماما كما قال تعالى:

إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً

وأما الاجتباء الواردُ بعده فعلامةٌ على محبه الله لعبده فإذا رأى العبد نفسه قد تأخر عن فعل الخير فليحذر أن يكون ذلك إبعادا له عن ساحة الطاعة وطردا له من دائرة ربه كراهية والعياذ بالله. فالحمد لله على رفع الحرج علينا الذي يفيد أن نية فعل الخير الخالصة لها أن تعفي المسلم من إفناء نفسه. فاللهم خذ بيدنا إلى حيث رضاك اللهم عافيتَك ورحمتَك اللهم انصر ولي أمرنا وصل اللهم على حبيبنا وآله.