Le meurtre, un abominable péché!

قتل النفس البشرية جريمة ما بعدها جريمة

الحمد لله حمدا كثيرا مباركا فيه نحمدك ربي ونشكرك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونشهد ألا إله غيرك ولا رب لنا سواك، أكرمتنا بتوجيهاتِ كتابك فعلمتنا الخُلُقَ الرفيع والسلوكَ السديد والمنهج القويم في التعامل مع الناس كافة حتى ولو كانوا غير مسلمين فقلت من بين ذلك وقولك الحق صدقا وعدلا:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ لَسْتَ مُومِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُه ورسولُه كان يُعَلِّمُ أصحابه أن يتثبتوا من الأخبار حتى لا يتخذوا قراراتٍ مجحفةً في حق غيرهم تضرهم في دنياهم وأخراهم فكان من ذلك أن حدث أسامة بن زيد رضي الله عنه فقال:

بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ فَصَبَّحْنَاهُمْ فَقَاتَلْنَاهُمْ فَكَانَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِذَا أَقْبَلَ الْقَوْمُ كَانَ مِنْ أَشَدِّهِمْ عَلَيْنَا وَإِذَا أَدْبَرُوا كَانَ حَامِيَتَهُمْ، فَغَشِيتُهُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا غَشِينَاهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَكَفَّ عَنْهُ الْأَنْصَارِيُّ وَقَتَلْتُهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا مِنَ الْقَتْلِ، فَكَرَّرَهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ إِلَّا يَوْمَئِذٍ

أما بعد فهذا هو النداء السادس من نداءات الإيمان في سورة النساء والقصة الواردة في الحديث المذكور لها علاقة به. أما الدرس المستخلص منه فهو أن من واجب المؤمن أن يكون على أكبر قدر من الاحتياط حيال الاعتداء على النفس البشرية إذ لا يجوز البتة أن يتعرض لحياة غيره لا بالمباشر ولا عن طريق المساعدة ولو بالكلام أو التحريض. إن قتل النفس يبقى من أكبر الكبائر التي حرم الله اقترافها. حتى في الحرب لا يقبل ديننا أن يكون القتل أمرا اعتياديا بل يضع له حدودا على المقاتل أن يحترمها بكل ما أوتي من قوة لأن القتل أمر عظيم لا يجوز الإقدام عليه إلا إذا تضافرت الأسباب فجعلته ضروريا. أما القتل التعسفي والتعذيب الجماعي والعمل الإرهابي فلا مكان لها في شرع الله وإن قال القائلون وحدث المحدثون ولله الحمد والمنة على فضله وإحسانه.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. الإسلام يشجب كلَّ عمل همجيٍّ يؤدي إلى قتل النفس العشوائي فليس ثمة سبب يبرره وإن في الجهاد اللهم إذا طال المحاربين، إذ كما بيَّنَّا في النداء السابق، الجهاد ليس مرتعا لبث الرعب في الآمنين ولا للغارات الظالمة ولا للتقتيل الاعتباطي. فينبغي للمؤمن قبل أن يمد يده لسفك دم آدمي أيا كانت هويته التحري للتيقن، ففي الصحيح:

مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا

إن على المسلم أن يبذل كل جهده لتجنب السقوط في هذا الإثم العظيم الذي هو قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق والذي سواه سبحانه بالشرك به في قوله:

وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ءَاخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا

ومن هنا نقول إن النفس البشرية في الإسلام لا تساوم بثمن ولو كانت غير مؤمنة ما دام صاحبها لا يبدي عداء ظاهرا لدين الله بل يرغب في العيش بالسلم مع المسلمين. المسلم لا يجوز له أن يتعذر بالربح المادي لاقتراف الجريمة بل عليه أن يُعَوِّلَ على ما أعده الله تعالى للمتقين الذين يحترمون حياة غيرهم ذاكرا دائما أنه هو أيضا كان بإمكانه أن يكون في مكان من يريد أن يجعله ضحيته. ليس دور المسلم أن يشق على صدور الناس ليطلع على صدق إيمانهم أو حسن طويتهم فهذا أمر موكول إلى الله تعالى. فقط عليه أن يحترز من الظلم وأن يضع دائما نفسه مكان الآخرين لينظر كيف كان يحب أن يعاملوه لو كان فعلا في مكانهم والآخرون في مكانه هو وهذا هو معنى قوله تبارك وتعالى في آخر النداء:

كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه اللهم علمنا التريث عند اتخاذ قراراتنا وأعنا على احترام غيرنا وذكرنا بك في كل أحوالنا اللهم وحد كلمتنا وأعل رايتنا وارحمنا وموتانا واشفنا ومرضانا وتب علينا يا ربنا وانصر اللهم ولي أمرنا وكن لنا وله يا رب العلمين والحمد لله رب العالمين.