لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى
الحمد لله رب العالمين، نحمدك ربي بما حمدك به محمدٌ سيدُ الأولين والآخرين ونشكرك على ما شكرك عليه إمام الأنبياء والمرسلين ونشهد أنك الله ولي المتقين شهادة حق تشفع لنا يوم الدين وتنجينا بها من عذابك المهين، وجهتنا إلى خير عمل نعمله في حياتنا وهو الصلاة ثم دللتنا على شروط القيام به ليكون مقبولا لديك فقلت وقولك دائما الحق لكونه صادرا عن أصدق الصادقين:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا
ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبدُه ورسولُه حبب إلينا الخير كله وحثنا على فعله والإقامة عليه فقال في ما رواه الإمام مسلم عن أبي مالك الأشعري:
الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالصَّلَاةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ. كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا
أما بعد فيا عبادَ الله، إن أعظم عمل يقوم به الإنسان في حياته فيقيه سخطَ اللهِ الصلاةُ. ونداءُ الإيمان الذي بين أيدينا وهو الثالث من بين التسعة التي في سورة النساء، يدعونا فيه ربنا لإقامتها بشرطيها الأساسيين وهما الطهارة النفسية والطهارة البدنية. أما الطهارة النفسية فتتمثل في حضور الذهن عندها حتى يكون الإنسان مع ربه أثناءها لا يصده عن ذلك سكر ولا إرادة نوم ولا حضرة طعام يشتهيه ولا سبيل يزرمه فقد جاء في سبب نزول هذه الآية من حديث الترمذي وقال حسن صحيح عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال:
صَنَعَ لَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ طَعَامًا، فَدَعَانَا وَسَقَانَا مِنَ الْخَمْرِ فَأَخَذَتِ الْخَمْرُ مِنَّا وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَقَدَّمُونِي فَقَرَأْتُ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَنَحْنُ نَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ
وقال عليه الصلاة والسلام في ما يرويه البيهقي ونظيره عند الحاكم عن عائشة:
لا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ وَهُوَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلا وَهُوَ يُدَافِعُ الأَخْبَثَيْنِ
نفعنا الله بآي الذكر الحكيم وحديث الصادق الأمين والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. إن على الإنسان حين يريد الصلاة أن يعمل على صرف كل ما بإمكانه أن يشوش عليه فيطمس عليه خشوعه وخصوصا ما يُذهب عقله من مشروبات كحولية أو مأكولات مشبوهة أو مشمومات رديئة مذهبة للفطنة. ولا سبيل إلى لي عنق الآية أو الانطلاق في التأويلات الخاوية ولنستحضر جميعا قول الله تبارك وتعالى:
ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً
فاللهم اجعلنا من المتقين وجنبنا في حياتنا كل ما يذهب العقل والدين وارحمنا يا ربنا واحفظنا بما حفظت به الذكر الحكيم. وأما الطهارة البدنية فتتمثل في الغسل من الجنابة والوضوء بعد الحدث إلا أن يكون هناك مانع منهما من مرض أو انتفاء ماء فيعوضان بتيمم الصعيد الذي يقوم حينئذ مقامهما تيسيرا على الأمة وطلبا للأجر من رب العزة، علما بأن التيمم من المشروعات التي خُصَّ بها هذا الدين وعبادُ الله المؤمنين حيث جاء في الحديث أن النبي قال عنه:
وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا
وقصة شرع التيمم مشهورة لا داعي لسردها وهو ولا شك من بركات آل أبي بكر رضي الله عنه وخصوصا الصديقة عائشة التي كانت سببا في هذا التيسير على الأمة. فديننا أيها الإخوة الكرام دين اليسر والتيسير بامتياز ولا يسعنا والحالة كما قلنا إلا أن نثني على الله ونستمر على ذلك مضاعفين الجهود لإقامة الدين كما شرعه الله لنا فليس ثمة وجه من وجوه شكر الله أعظم من اتباع ما شرع والعمل بما أمر وبين تفاصيله ودقائقه نبيه الأمين والمبلغ عنه الذي قال عنه تعالى:
وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكرَ اللَّهَ كَثِيراً
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم ارض عنا ورضنا بك وأكرمنا بما أكرمت به أولياءك واجعلنا يا ربنا ممن يقيم حدودك ويعمل بأمرك آمين اللهم ارحمنا وموتانا واشفنا ومرضانا وأجب دعوتنا ودعوة مضطرنا. وانصر اللهم ولي أمرنا وكن لنا وله يا ربنا والحمد لله.