Qui parmi nous est vraiment jeûneur?

ليس من الصائمين

الحمد لله نحمده تعالى أن جعل صيام رمضانَ من أركان الإسلام ودعانا فيه للإمساك عن الشراب والطعام، ونشهد أنه الله البر القدوس السلام جعل من هذا الشهر العظيم سبيلا لبلوغ أفضل منزلة عند الملك الديان فقال :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبد الله ورسولُه بَيَّن المغزى العميق من الصيام لله والإمساك عن المفطرات في رمضان فقال عليه الصلاة والسلام:

مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ

أما بعد فيا أيها الكرام لقد حل بنا شهرٌ عظيم ونزل فينا ضيف كريم تعبدنا الله في أيامه بالإمساك عن الشهوات وندبنا في لياليه إلى مضاعفة الصلوات وهاتان الشعيرتان تهدفان إلى تربية النفس بتنمية نوازع الخير فيها وتطهير المجتمع من شر الانحراف والعصيان. ولا يُدْرَكُ هذا إلا بالصيام؛ صيامٍ من نوع خاص، هو الصيام الذي يقي من الوقوع في الذنب والتمادي في العيب ويعد صاحبه لمراقبة علام الغيب، فليس من الصائمين من يسترق النظر المحرم ويطلق عينه على فتن الشارع المختلط. ليس من الصائمين من يُرهف سمعه للغيبة والنميمة ويبعث أذنه يلتقط بها أخبار وأسرار إخوانه من بني الإنسان. ليس من الصائمين من يطلق لسانه للنهش في الأعراض ويسخره في السب واللعن. ليس من الصائمين من يمد يقترف المعاصي ويعتدي على حقوق المواطنين والمواطنات. ليس من الصائمين من ينقل خطواته على معابر المخالفات ويستخدم رجله في اقتناص الموبقات. ليس من الصائمين من يشرب المحرمات ويتعمد تناول ما اشتبه من أنواع المطعومات. ثم ليس من الصائمين حقا من لا يراقب الله في فرجه فينتهك المنهيات. ألا إن صيانة النفس من الذنوب والعمل على مراقبة علام الغيوب وملءَ الوقت بما ينور القلوب من غايات الصيام وأهداف القيام وإلا فليس ترك المطعوم والمشروب هو المقصود ولا والرجاء المطلوب. نفعني الله وإياكم بما سمعنا وجعلني وإياكم حقا في زمرة المتقين حقا من أهل الصيام والقيام.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. جاء في السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم قال عن الصيام والقيام:

رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ

فمن كان منا يتوق فعلا إلى الحصول على رضوان الله فها هي أبوابُ رحماته قد تفتحت ومعابرُ شاطئ السلامة قد تيسرت فلنوقظ أنفسنا ولنتدارك ما فاتنا إذ في شهر رمضان يجمل الإحسان ويحلو ذكر الرحمن وتعذب تلاوة القرآن:

فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا

واحرصوا رحمكم الله في هذا الشهر وفي غيره من الشهور على نشر العلم وملء بيوت الله وتدارك من عضته الأيام وتلاعبت به رياح الزمان واعلموا أن الصيام والقيام يشفعان لصاحبهما عند الملك الديان فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ:

مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا

هذا عن فضل الصيام. أما القيام فلا يخفى عنكم أنه صلى الله عليه وسلم قال:

مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ

ثم أكثروا من الصلاة والسلام على من نرجو شفاعتَه يوم يقوم الأشهاد للكريم المنان. اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على سيدنا محمد خير من صام وأفضلَ من قام وعلى آله الكرام. اللهم يا من يسمع النداء ويجيب الدعاء ويقبل الرجاء نسألك سؤال عبد مضطر أعجزه إدراك مطالبه وتعذرت عليه وجوه مآربه وأُغْلِقَتْ في وجهه الأبواب وتَعَسَّرَتْ عليه الأسباب فالتجأ إليك وطمع فيما لديك، ففتحت له الباب وأقبلت عليه إقبال الأحباب وفرجت عنه ما أحاط به من كَرْبٍ ونفست عنه ما أحدق به من خَطْبٍ فَحَقِّقْ لنا سؤلنا كما حققت له سؤله وبلغنا مأمولنا كما بلغته مأموله وفرج عنا كربنا كما فرجت عنه كربه ونفس عنا خطبنا كما نفست عنه خطبه يا من لا يمقت المترددين ولا ينهر السائلين. وانصر اللهم أمير المؤمنين سيدي محمد السادس نصرا عزيزا تعز به الدين وترفع به راية المسلمين واحفظه اللهم في ولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه وصل اللهم على نبينا الأمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.