Soyez pieux pleins de vertu comme il se doit vraiment!

اتقوا الله حق التقوى

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمد الحامدين المخلصين ونشكره جل وعلا شكر الشاكرين الصادقين ونشهد أنه اللهُ وليُّ المتقين الداعي إلى التزام التقوى في كل وقت وحين وذلك في غير ما موضع من كتابه المبين وخصوصا عند قوله تعالى في ندائه الثالث عشر لعباده المؤمنين وهو سبحانه أصدق القائلين:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُه ورسوله سيد الأولين والآخرين وإمام كلِّ الأنبياء والمرسلين دعا إلى الأخوة بين المؤمنين كعربون منهم على أنهم من المتقين فقال صلى الله عليه وسلم، كما رواه مسلم عن أنسِ بنِ مالكٍ، وهو الصادق الأمين:

لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ

عبادَ الله إن دعوةَ ربنا تبارك وتعالى لنا إلى التزام حقِّ التقوى هي دعوةٌ خالصةٌ منه سبحانه ومن فيض رحمته ومحض جوده وكرمه إلى كسبِ الجنة والابتعادِ عن النار وذلك أن ملتزِمَ التقوى مؤمنٌ طيبٌ لا شغلَ له إلا فعلَ الخير واحترافِ العملِ الصالح فلا يعرف الشرُّ إلى نفسه سبيلا ولا يتمكن منه سوءُ الخلق أبدا إذ لم يفته حديثُ الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حين سئل ما أكثرُ ما يدخل الجنة فقال:

التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ

فما أعظمَ خلقِ التقوى وما أعظمَ أن نحرص على أن نكون من المتقين لنفوز بجنة رب العالمين التي أعدت لهم دون غيرهم من العاشقين. قال تعالى:

سَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ

ثم بين بعض صفاتهم التي أهلتهم لأن يفوزوا بهذا الفضل المبين فقال سبحانه:

الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

فسماحتهم وحرصهم على درء الحقد عنهم وإثباتُ الأخوةِ فيما بينهم هو ما مكنهم من ولوج رحمة الله ولذلك أكد الله تعالى على ذلك في الشق الثاني فقال:

وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

فاللهم اجعل أخوتنا خالصة لوجهك الكريم آمين والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. عبادَ الله، النداء الذي بين أيدينا لا يقف عند حد مطالبتنا بإثبات الأخوة في ما بيننا كعربون لتقوانا وإن كان ذلك أمرا جوهريا لتأسيس هذا الخلق العظيم. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:

الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَا هُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ

فإثبات الأخوة بين المسلمين أمر عظيم لا غرو في ذلك ولكن يجب عليهم أيضا أن يجعلوا من أخوتهم حافزا للتعاون على الخير ودرءِ الشر وفعلِ الحلال ونبذِ الحرام من مجتمعهم وإلا فلا تقوى ولا إيمان ولا خيرية. يقول تعالى في تتمة ندائه:

وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ

واجبنا كمؤمنين متآخين ونحن نبحث عن التقوى وسبل الفلاح وطرق النجاة من عذاب الله العظيم أن يكون منا من يحترف الدعوة إلى الخير وهو الله وهو الإسلام وهو كل ما جاء به القرآن من تعاليم تهدينا لما فيه رشدُنا وتَقَدُّمُنَا ورُقِيُّنا وكلُّ ما نحتاج إليه لِرِفعتنا. إن الدعوة إلى الخير المرجوةَ ينبغي أن تكون شعارا فينا بِنبذ كلِّ أشكال الدعوات إلى الحرام التي غزتنا ويندى لها جبينُنا من إشهار لأكل الربا ومن ترويج للمسكرات ولعب القمار وانتشار للفاحشة وكأنها حق ثابت من حقوق الإنسان. ألا إنه كذلك فقط في مخيلة من يريد ويسعى لخراب هذا الإنسان. لا بد أن نعيد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مكانتهما وذلك بالخلق الرفيع الذي يُعرف به كل داع إلى الله نابذين كلَّ أشكال العنف والتطرف لأن حبَّ الله يُنال بالحب والرفق لا بالعدوان والقهر اللهم إذا فهمنا النصوص على غير الوجه الذي أريد لها! اللهم ارحمنا. اللهم وفقنا لفهم الدين كما تحب ذلك منا واجعلنا يا ربنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين آمين. اللهم انصر ولي أمرنا نصرا تعز به الوطن والدين وارفع شأنه كله وأصلح به وعلى يديه ووفقه للخير وأعنه عليه والحمد لله رب العالمين.