استحضار نداءات الإيمان الواردة في سورة البقرة
الحمد لله رب العالمين نحمدك ربي حيث لا يجوز الحمد إلا لك ونشكرك يا الله حيث إنك أنت أهل الشكر والثناءِ لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، نستغفرك ونتوب إليك ونشهد أن الأمر كلَّه يُرَدُّ إليك، شرفتنا بندائك المتكرر في القرآن العظيم وبتوجيهاتك فيه وتحذيراتك فلا نملك إلا الاستجابةَ لها والعمل بما جاء فيها إذ قلت وقولك حق وصدق لا محيد عنه:
وَمَا كَانَ لِمُومِنٍ وَلا مُومِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن تَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا
ونشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبدُ الله ورسوله وصفيه وخليله ومجتباه من خلقه أرشدنا إلى عدم عصيان الله تعالى أو الخروج عن طاعته فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ
أما بعد فحديثنا اليوم لن يصب في دراسة نداءٍ مخصوص من تلك النداءات التي دأبنا على تقديمها في الآونة الأخيرة بل سيعود بنا إلى التذكير بما سبق من القول بمناسبة انتهائنا من التعرف على نداءات سورة البقرة وتثبيتا منا لما وقفنا عليه من معلومات فيها واستعدادا لما سنجده في نداءات سورة آل عمران التي تليها وبذلك نقول مستعينين بالله مستجيرين من عقابه جالبين رحمته، إن النداء الأول كان تربية كما النداءَ الثاني إذ قال الله تبارك وتعالى فيهما تباعا:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
أما النداء الثالث فيدور محوره حول الأكل وما يَحِّلُ منه ويَحْرُم، قال تعالى فيه:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنُ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
وأما الرابع والخامس ففي فريضتين عظيمتين من فرائض هذه الشريعة الغراء التي توصل حتما من يقتدي بها إلى أعلى درجات التقوى والفلاح حيث فيهما:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ … وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
وبهذا يتم النصف الأول من نداءات سورة البقرة ولله الحمد والشكر والمنة.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. النداء السادس نداء عظيم كسائر إخوانه يوجهنا الله تعالى فيه إلى ضرورة اتزان التصور عند المؤمن والأخذ بزمام الدين عن يقين وأن لا يكون المرء عبدا لهواه ولا لعدوه الشيطان:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطْوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
أما النداءات السابع والثامن والتاسع فكلها دعوات كريمة إلى العطاء والإنفاق وإحياء الحس الاجتماعي في النفس المؤمنة باقتسامِ ما لديها من النعم غير المحدودة مع المحتاجين لها والتبرك بما تفضي إليه من خير عند الامتثال لها:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرُبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ
ثم هناك النداء العاشر وما يحتوي عليه من تحذير من مغبة الوقوع في المعاصي واقتراف الكبائر الموبقات من خلال ذكر عقوبة أكل الربا وهو قوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ
وأما النداء الأخير فآمل أن يكون لا يزال في الأذهان فنحن حديثو عهد به إذ درسناه في الأسبوع الماضي فلا داعيَ لسرده وقد ذكر فيه الدين وضرورة كتابته والإشهادِ عليه تفاديا للتزوير وحفاظا على الألفة بين الناس فاللهم يوفقنا للامتثال لتعاليمك والعمل بأوامرك والوقوف عند حدودك كما نسألك يا رب أن تجعل لنا من أمرنا يسرا. اللهم ارحمنا وكن لنا ولا تكن علينا . اللهم انصر ولي أمرنا نصرا تعز به الوطن والدين اللهم ارفع شأنه كله وأصلح به وعلى يديه ووفقه للخير وأعنه عليه وأقر عينه بولي عهده واحفظه في أسرته وشعبه وارحم كلا من والده وجده وسائر موتى المسلمين والحمد لله رب العالمين.