Le verset de la dette

آية الدين

الحمد لله فالقِ الحب والنوى ومعطي كلِّ واحدٍ منا ما نوى، نحمده تعالى حمدَ المعترف له بالنعمة ونشكره جل وعلا شكرَ المقرِّ له بالفضل ونشهد أنه الله لا إله غيره ولا معبودَ بحق إلا هو، دعانا سبحانه إلى اعتماد كتابةِ العقود وتوثيقها وإشهاد الشهود واستحلافها تفاديا لوقوع الزور في المعاملات وما يشابهها فقال جل شأنه وعز جاره في أطول آية نزلت على خير الخلائق وإمامها:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبدُه ورسوله حذر من مغبة التداين والدخول في حيثيات المداينة فقال في ما صح عنه ورواه عبد الله بن عمرو بن العاص:

الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا الدَّيْنَ

أما بعد فهذا هو النداء الأخير من نداءات الإيمان في سورة البقرة، يبين لنا الله فيه كيف نحافظ على علاقاتنا الوُدية ونحفظُ الحقوقَ في ما بيننا عند التعاقد والتداين. فالأصل هو ألا يستدين أحد من أحد حتى لا نعرض أنفسنا للخطر المذكور في الحديث النبوي. لكن نظرا لضرورة التعاون بين الناس يجيء توجيه ربنا سبحانه ليفيد استحباب أو وجوب كتابة العقود من أجل إثبات الثقة بين المتعاقدين ودرءِ فرضية الغش والتزوير، بعيدا عن حياة المؤمنين. وعلى هذا فإن كتابةَ الدَّين واجبةٌ على المدين وحقٌّ لصاحب المال حتى لا تشوبَ الأمرَ شائبةٌ وتتقلص أسبابُ النزاعات إلى أدنى مستوياتها. ومما يدلُّ على وجوب الكتابةِ أنه أُمِرَ بها في زمان لم تكن فيه منتشرةً ولا معلومةً لدى عموم الناس إذ حتى الذي لا يحسنها عليه أن يناديَ على من ينوب عنه فيها، ممن يلتمس فيه الأمانة والعدالة المطلوبتين في مثل هذه الظروف.ثم إن من واجب من يكتب العقد أن لا يمتنع عن ذلك وأن يكون مؤتمنا إذ لا يجوز له أن يبدل أي شيء في بنوده أو يظهر أي ميلٍ لأحد الطرفين على أن يكون المدين هو من يملي المتعاقَد عليه اعترافا منه بما عليه بكل صدق ونزاهة ولله الحمد والشكر والمنة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. إن من تمام بلوغ أقصى درجات النزاهة إشهادَ شهيدين عدلين على العقد وذلك درءا للتزوير إلى أبعد الحدود وحمايةً للمواطنين من هضم حقوقهم سواءً كانوا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم أم لا وذلك هو فحوى قوله تعالى في ضمن النداء:

وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى

ثم إن مسألة استدعاء الشهداء لها من الفوائد ما لا يخفى على لبيبٍ ولذاك فالمدعو للشهادة لا يليق به التخلف أو الاعتذار كما أنه إذا شهد تعين عليه أن يشهد بالحق مبتغيا وجه الله وحده، ولو كان على نفسه أو والديه أو الأقربين علما ويقينا منه بأن الله جل وعلا لن يضيعه في ما يصبو إليه ويرجوه! إن كتابةَ العقود وإشهادَ الشهود من ضرورات الحياة عباد الله فلا تتقاعسوا عنهما. قال عز وجل:

وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِه ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةٌ حَاضِرَةٌ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ

قال ابن جريج: من ادّان فليكتب ومن ابتاع فليُشهد، وقال قتادة:

ذكر لنا أن أبا سليمان المرعشي كان قد صحِب كعباً، فقال ذات يوم لأصحابه: هل تعلمون مظلوماً دعا ربه فلم يَسْتَجِبْ له ؟ فقالوا: وكيف يكون ذلك؟ قال: رجل باع بيعاً إلى أجل فلم يشهد ولم يكتب فلما حل ماله، جحده صاحبه، فدعا ربه فلم يستجب له، لأنه قد عصى ربه

ولهذا ختم ربنا تعالى نداءه لعباده المؤمنين بدعوة كريمة لتقواه فقال:

وَاتَّقُواْ اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

وذالك أن تقوى الله أغلى ما يمكن أن يدركه المرء في هذه الدنيا. فاللهم يوفقنا لأن نكون من المتقين وعلمنا ما خفي علينا من تعاليم ديننا الذي هو عصمة أمرنا وخبايا دنيانا التي فيها معاشنا كما نسأله سبحانه أن لا يحرمنا طيبات آخرتنا التي إليها معادنا. اللهم ارحمنا وكن لنا ولا تكن علينا . اللهم انصر ولي أمرنا نصرا تعز به الوطن والدين اللهم ارفع شأنه كله وأصلح به وعلى يديه ووفقه للخير وأعنه عليه وأقر عينه بولي عهده واحفظه في أسرته وشعبه وارحم كلا من والده وجده وسائر موتى المسلمين والحمد لله رب العالمين.