L’Islam est un tout non dissociable

الإسلام كل لا يتجزأ

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمدا تاما يوافي نعمه ونشكره جل وعلا شكرا متميزا يكافئ مزيده ونشهد أنه الله الواحد في ملكه المنزه في عليائه اختار لنا أعظم دين فأكمله ثم أمرنا بإتباع تعاليمه وعدم الانحراف عن شريعته فقال عز وجل:

ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبدُ الله ورسوله ما فتئ يأمر أمته بالحرص على طاعة الله والعمل على عبادته سبحانه وتعالى دائما دون كل ولا ملل فقال صلى الله عليه وسلم:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ

أما بعد فيا أيها الإخوة، إن الإنسان حين يأخذ على نفسه التحلي بالإيمان حقا والسير في طريق رضى الله لا يسعه إلا أن ينطلق في تطبيق تعاليم ربه وتنزيلها في أرض واقعه حتى يكون من المقبولين عنده وذلك لأنه يعلم أنه لا يجوز تقسيم الدين إلى أجزاء يأخذ منها ما يحلو له ويترك كل ما لا يروقه مصداقا لقوله تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السَّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطْوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

عبادَ اللهِ، هذا هو النداء السادسُ من نداءات الإيمان في القرآن وهو دعوةٌ غالية من الله تعالى لعباده المؤمنين كي لا يعطوا لعدوهم إبليس الفرصة في استمالتهم إلى الزيغ عن طريق التقوى. فالإسلام الذي أكمله الله وأتم به نعمته علينا ورضيه دينا لنا منهاجُ حياةٍ متكاملٌ، ومصادرُ التشريعِ فيه معلومةٌ لا ينبغي بل لا يجوزُ للمؤمنين الأخذ من غيرها، اللهم إن كان المأخوذ لا يتعارض معها. لقد جاءَ في الخبر أن بعض من أسلم من اليهود استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلاوة بعض آيات التوراة في الصلاة فنهاه الحبيب عن ذلك مصداقا لهذه الآية. ومعنى هذا أن المؤمن يتوفر في دينه على كل ما يحتاج إليه في حياته فلا حاجة له في البحث عن ما يسعده في غيره فإن هو فعل فكأنما استغنى بما اختاره من عبادة أو شرع أو حكم عن دينٍ ارتضاه له ربه وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ

أعاذني الله وإياكم من نار جهنم كافة وخير الختم بالدعاء الحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. أيها الإخوة، الدخول في السلم الوارد في نداء اليوم هو على الأرجح الدخول في الإسلام. فالله تعالى يريد منا كمؤمنين أن نأخذ الدين ككل وأن لا نجزئه تجزيئا والأصل في هذا أن يعتقد المرء ذلك ثم يأخذ من كل سهم من أسهم الدين ما يطيقه ويقدر عليه، دون غلو ومن غير إفراط ولا تفريط. جاء في تفسير الإمام القرطبي: قال حذيفة بن اليمان في هذه الآية، الإسلام ثمانية أسهم فالصلاة سهم والزكاة سهم والصوم سهم والحج سهم والعمرة سهم والجهاد سهم والأمر بالمعروف سهم والنهي عن المنكر سهم وقد خاب من لا سهم له في الإسلام. فالمطلوب إخواني أن يأخذ كل واحد منا بنصيبه من هذه الأسهم وأن لا يتهاون في أداء كل العبادات دون تمييز بينها فلا يعقل أن يصلي المرء ولا يصوم وهو قادر أو لا يزكي وقد حقت عليه الزكاة أو لا يحج وهو مستطيع. لقد آلمني كثيرا موقف ذاك الرجل الذي أيقظته لصلاة الفجر وكنا في منى لأداء فريضة الحج فصاح في وجهي يا أخي نحن جئنا من أجل الحج لا للصلاة فقلت سبحان الله! الإسلام هو الاستسلام لكل ما أمر الله به ثم الرضى بكل ما ارتضاه سبحانه وتعالى، قال جل في علاه:

إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ

وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ

ثم إن من معاني الدخول في الإسلام كافةً أن يُسلم كل أفراد المجتمع وهذه دعوة خفية للاجتهاد في الدعوة إلى الله وإبراز الدين بوجه مشرق يدعو إلى التهافت عليه لا مشوها بتصرفاتٍ تشمئز منها النفوس ولنذكر دائما قول الحبيب لعلي:

لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ

فإن كان هذا هو جزاء الهادي فكيف يكون إثم الصاد يا ترى؟ فاللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا وارزقنا التخلق بأخلاق نبيك في كل سكناتنا وحركاتنا اللهم انصر ولي أمرنا نصرا تعز به الوطن والدين اللهم ارفع شأنه كله وأصلح به وعلى يديه ووفقه للخير وأعنه عليه وأقر عينه بولي عهده واحفظه في أسرته وشعبه وارحم كلا من والده وجده وسائر موتى المسلمين آمين والحمد لله رب العالمين.