Les chemins qui mènent à la piété pleine de vertu

الطرق المؤدية إلى التقوى

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمدا لا ينبغي إلا له ونشكره جل وعلا شكرا لا يليق إلا به ونشهد أنه الله لا رب لنا سواه ولا نعبد إلا إياه، قَدَّمَ سبحانه وتعالى للبشرية جمعاء وللأمة الإسلامية على وجه الخصوص أعظمَ وصية فقال عز وجل:

وَللَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا

ونشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبدُه ورسوله حثنا على ابتغاء التقوى والعمل على إرسائها في ما بيننا فقَالَ صلى الله عليه وسلم حين سئل عن أعظم سبب في دخول الجنة:

التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ

أما بعد فيا أيها الإخوة موعدنا مع النداء الخامس من نداءات الإيمان في القرآن:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

وهذا النداءُ عادة ما نتذكره عند قدوم أعظم الشهور وهو رمضان إلا أننا في هذه المرة سنذكره من غير مناسبته المألوفة وذلك من أجل تسليط الضوء على أعظم ما جاء فيه وهو الوصول إلى إرساء التقوى في قوله تعالى لعلكم تتقون الذي ورد في آخره. فالصيام طريقٌ مؤَمَّنٌ لبلوغ التقوى المنشودة وكلما حرص المؤمن على الصوم بالوجه الذي يليق إلا وأصبح بعد رمضان من المتقين فمن رأيتموه يغيِّرُ وجهة التقوى بعد شهر الصيام فاعلموا أنه لم يصم على الوجه الصحيح! وهناك طرق أخرى غيرُ الصيام لبلوغ التقوى منها ما تَعَبَّدَنَا به اللهُ  من فرائض فرضها علينا من قَبيل إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج بيت الله وهذا ظاهر في قوله تعالى:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

ومن تلك الطرق أيضا الأخذ الحازم بكل ما أمر به الله تعالى لقوله سبحانه:

خُذُواْ مَا ءَاتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

والمراد بذلك تفعيل وصايا وأحكام القرآن وتنزيلها حيز التطبيق لقوله سبحانه:

وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً

وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ

فلنتتبع تعاليم كتابنا ولنقف عند حدود ربنا التي رسمها لنا ولنحرص على عدم الاعتداء عليها نكن بإذن الله من المتقين الناجين الفائزين والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. أيها الإخوة إن من مظاهر تقوى الله تعالى أن يكون الإنسان حريصا على الاتصاف بأخلاق المتقين من إيمان بالله وتطبيق لتوجيهات كتاب الله في الصدق والأمانة والتواضع والحلم والرفق واللين والكرم والعفو والتسامح والوفاء وما إلى ذلك من الخصال التي بُعث حبيبنا المصطفى من أجل إرسائها في نفوس أتباعه وتصرفاتهم المختلفة حيث قال صلى الله عليه وسلم:

بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ حُسْنَ الْأَخْلَاقِ

وإن من تلك الأخلاق التي أوصى بها القرآن خلق عظيم يعطي ربُّنا تعالى عليه من الأجر ما لا يعطيه على غيره ألا وهو خلق الصبر والمصابرة حيث قال تعالى:

إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ

فبالصبر عبادَ اللهِ تحصل التقوى المرجوة وبالصبر يأتي الفرج والنصر بإذن الله:

تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ

وهو بالضبط الأمر الذي وقع لأسلافنا الذين ضحوا من أجل حرية الوطن والذين نتذكرهم دائما بمناسبة الحادي عشر من يناير من كل عام. أيها الأحبة الكرام ما أحوجنا لأخذ القدوة ممن سبقنا من الأخيار والسير قدما على نهجهم والتأسي بأسوتهم حتى نتمكن من إدراك ما أدركوا من حرية ومجد ورقي وحسنِ تدبيرٍ وتناغمِ معاملةٍ وتخليقِ حياة! فهلا قمنا بالاقتداء بسلفنا القريب فضلا عن الأول الذي ضحى بالغالي والنفيس لإعلاء كلمة الله! أليس من واجبنا أن نحافظ نحن أيضا على عقيدتنا ونذود عن ديننا بالعمل على تثبيت أخلاق نبينا والاتصاف بالتواضع المطلوب منا ثم بالعمل على تحقيق استقلال كامل لهويتنا وتجريدٍ محكمٍ لبلادنا من كل ما يُدس لها من دسائسِ العنصرية البغيضة والتفرقة الملعونة. فاللهم أدم علينا نعمة الإيمان ويسر لنا طريق التقوى والإحسان وصل وسلم على سيد ولد عدنان اللهم انفعنا بمحبته ولا تخالف بنا عن نهجه واحشرنا في زمرته اللهم انصر ولي أمرنا نصرا تعز به الوطن والدين اللهم ارفع شأنه كله وأصلح به وعلى يديه ووفقه للخير وأعنه عليه وأقر عينه بولي عهده وشد أزره بصنوه واحفظه في أسرته وشعبه وارحم كلا من والده وجده وسائر شهداء الاستقلال والحمد لله.