Les exigences du jeûne du Ramadan (6)

مقتضيات صوم رمضان

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ نحمدك ربي بأنك أنت الله الذي وسعت كل شيء علما ونشكرك بأنك أنت الله الذي وزعت كل رزق جودا وعدلا ونثني عليك بأنك أنت الله الذي يسرت كل أمر كرما منك وفضلا لا إله إلا أنت المتفرد بالجلال في الأرض كما في السماوات العلى، فرضت علينا صومَ رمضان وبينت أن ذلك يتمثل في ترك الطعام والشراب إبان أيام هذا الشهر العظيم فقلت وقولك الحق:

وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ اللهِ ورسولُه، أوضح لنا كيف يكون ينبغي تطبيق هذا القول فقال كما هو في الصحيح والسنن والمسند:

تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً

أما بعدُ فيا أيها الإخوة البررة الكرام، إن من مقتضياتِ صومِ رمضانَ أن يمتثل الصائم لوصايا نبي الرحمة ويحرص على إحياءِ سنن سيد ولد عدنان. ونريد بمناسبة انتصاف شهر رمضان أن نلقي نظرة على كيفية صوم الحبيب لعلنا نعمل بما سنسمعه فنكون بإذن الله من أصحاب إحياء السنة خصوصا وأن لدينا حديثا يقول فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم كما يرويه الترمذي وابن ماجة واللفظ له:

مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً فَعُمِلَ بِهَا، كَانَ عَلَيْهِ أَوْزَارُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِهَا شَيْئًا

لقد كان صيامُ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قصدا كلَّه فلا إسراف ولا تقتير. ينقطع عن الطعام والشراب ومعاشرة زوجاته من طلوع الفجر إلى غروب الشمس فإذا وجب الإفطار أفطر قصدا على تمرات وترا أو شربة ماء أو مذقة لبن. لم يكن صلى الله عليه وسلم همه في تشكيل مائدته أو تنويع مأكولاته كما أصبح يفعل الناس من بعده. إنما كان يكتفي من الطعام بما يقيم صلبه ليتمكن بعد ذلك من أداء واجب العبادة فيصلي لله بعد العشاء الآخرة ما يتيسر من ركعات ثم إذا قام من نومه للفجر تسحر بما يتمكن به من الانقطاع عن الطعام طيلة يومه من غير تقتير على نفسه ولا تبذير والحمد لله والله أكبر ولا إله إلا الله.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. عبادَ الله، إن نظام أكل الحبيب هذا بعد الصيام وقبله مباشرة، له مسوغاتٌ كبيرة منها أنه من صفات الأنبياء، ففي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

إِنَّ جُزْءًا مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، تَأْخِيرُ السَّحُورِ وَتَبْكِيرُ الْفِطْرِ

وبالنسبة لسنة تأخير السَّحور خاصة، جاء في جامع الترمذي وقال حديث حسن صحيح عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ:

تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: قُلْتُ: كَمْ كَانَ قَدْرُ ذَلِكَ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً

أي قدرُ قراءةِ خمسين آية وهو ما يعادل خمسٍ إلى خمسَ عشرة دقيقة حسب طول الآيات ونوع التلاوة سريعة هي أم بطيئة. ثم إن مما يدل عليه هذا النظام أنه صلى الله عليه وسلم كان يقتصر على وجبتين اثنتين ولم يكن بحال من الأحوال يتناول الطعامَ بينهما كما يفعل غالبيةُ المسلمين في هذا الزمان وخصوصا حوالي منتصف الليل فهذه بدعة طبية أقلُّ ما يمكن القول فيها إنها منكرة فيا ليت شعري متى كان الطعام في منتصف الليل صحيا؟ بل هو الضرر بعينه فضلا عن أنه خروج واضح عن سنة إمام ورسول هذه الأمة الذي قال عنه وفيه ربنا عز وجل:

لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ

وبما أن كثيرا من الناس أصبحوا يُفَرِّطُونَ في السحور ويعوضونه بالأكل أول الليل وإلى ساعات متأخرة منه نود الدعوة إلى مراجعة هذا الأمر بإحياء سنة نبي
الرحمة في السحور ففي الحديث عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا أَخَّرُوا السَّحُورَ، وَعَجَّلُوا الْفِطْرَ

فاللهم فقهنا في ديننا وأعنا على إحياء سنة نبينا اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة واجعلنا يا ربنا من الأوابين رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين وصحبه الغر المحجلين اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى يسر له أمره كله واقض له حاجته واجعله من الصالحين وأقر عينه بولي عهده والحمد لله رب العالمين.