Les exigences du jeûne du Ramadan (4)

مقتضيات صوم رمضان

الحمد للهِ ربِّ العالمينَ، نحمدك ربي كما يليق بك وينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، نحمدك ونشكره ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونَشهدُ ألا إله غيرك، فرضت علينا صومَ رمضان ثم ندبتنا للسعي في التقرب إليك أثناء هذا الموسم العظيم باحتراف الدعاء فيه فقلت وقولك دائما حق وحكمة:

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسولُه، أشار إلى منزلة الدعاء الجوهرية في حياة الإنسان فقال صلى الله عليه وسلم كما يرويه النعمان بن بشير رضي الله عنه:

إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ، ثُمَّ قَرَأَ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ

أما بعدُ فيا عبادَ الله، إن المقتضى الرابع من مقتضياتِ صومِ رمضان الحرصُ على تحقيق القرب من اللهِ، وذلك بجعل الدعاءِ فيه شعارا مرفوعا طوال مدته بل وحتى بعد انتهائها. فالدعاءُ عبادَ اللهِ هو عنوانُ التواضع لله تعالى وإعلانُ العبوديةِ له سبحانه إذ من خلاله يكشف الإنسان عن احتياجه للقوة العظمى في قضاءِ حوائجه ورأبِ الصدع في اختلاف خواطره ودرءِ الهمِّ عن مجامع ما يعاني منه. روى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ

وفي رواية الإمام أحمد عن معاذ رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

لَنْ يَنْفَعَ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ وَلَكِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ عِبَادَ اللَّهِ

فإذا كان الأمر كذلك فيليق بنا أن نتساءل عن ماهية الدعاء. إن الدعاءَ، أيها الإخوة، هو تلك الحالةُ التي يخلو فيها العبد بربه فيُسِرُّ إليه بما يلج في قلبه من أحزان أو يُطْلِعُهُ على ما يحتاج إليه من أمور أو يكشف له عن ما يثقل كاهله من ذنوب ومعاصي، فيطلب منه حينها الفرج والتيسير والبركة والمغفرة والرحمة علما منه بأنه يناجي سميعا بصيرا قادرا مقتدرا، فاطلبوا رحمكم الله الخير دهركم وتعرضوا لرحمة ربكم وسلوه العفو والعافية واليقين تماما كما قال صلى الله عليه وسلم:

هُوَ الْحَىُّ لاَ إِلـهَ إِلاَّ هُوَ فَـادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ الْحَـمْدُ للَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. عبادَ الله، ليس في الدنيا شيء أكرمَ على الله من الدعاء فمتى علم ربنا بصدق عبده في السؤال إلا واستجاب له وأعطاه ما طلبَ أو رجا، فعن أبي سعيد رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:

مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ، إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا. قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ؟ قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ

إن الذي يكثر قرع الباب بأدب يوشك أن يُفتح له وكذلك الذي يُكثر الدعاء بأدب يوشك أن يُجاب له. والأدب هنا هو استحضار أنك تقف بباب ذي الجلال والإكرام، فلا أقل من أن تلتزم بالخشوع اللازم ولْتعزم في مسألتك ولتُعظِمِ الرَّغبةَ ولتُلِحَّ في الدعاءِ ولا تقل أبدا لا أرى أنه يستجابُ لي لأن في ذلك إساءة الأدب مع من لا مُكره له ولا معجز، إن شاء أعطى وإن شاء منع القائل:

واسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ

ومن آدابِ الدعاءِ الضامنة للاستجابة، تحري الأحوال والأوقات الفاضلة والطهارة واستقبالِ القبلة ورفعِ اليدين وتقديمِ التوبة والتجرد وسبقِه بما تيسر من الصدقة وتركِ أكل الحرام وافتتاحِه بالثناء على الله بذكر أسمائه ثم الصلاة على رسوله. ثم باستعمالِ جوامعِ الدعاء مع حضور القلب طبعا. قال صلى الله عليه وسلم:

ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ

فاللهم لك الحمد كله وصل اللهم على نبينا محمد. اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدنا لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. اللهم يسر لنا صوم رمضان واجعلنا فيه وبعده من القانتين. اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى يسر له أمره كله واقض له حاجته واجعله من الصالحين وأقر عينه بولي عهده والحمد لله رب العالمين.