Les exigences du jeûne du Ramadan (3)

مقتضيات صوم رمضان

الحمد للهِ ربِّ العالمينَ، نحمده تعالى حمدا لا حد له ونشكره جل وعلا شكرا لا مثيل له ونَشهدُ ألا إله هو، أخبرنا بأن من مميِّزات شهرِ رمضان الكبيرة أنه نزل فيه القرآن وذلك أول ما نزل الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقال عز من قائل:

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُه ورسولُه حثنا صلى الله عليه وسلم على العناية بهذا القرآن الكريم بترداد تلاوته والحرص على تدبر آياته وتفعيل تعاليمه فقال:

اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ نِعْمَ الشَّفِيعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّهُ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا رَبِّ، حَلِّهِ حِلْيَةَ الْكَرَامَةِ فَيُحَلَّى حِلْيَةَ الْكَرَامَةِ. يَا رَبِّ، اكْسُهُ كِسْوَةَ الْكَرَامَةِ فَيُكْسَى كِسْوَةَ الْكَرَامَةِ. يَا رَبِّ، أَلْبِسْهُ تَاجَ الْكَرَامَةِ. يَا رَبِّ، ارْضَ عَنْهُ، فَلَيْسَ بَعْدَ رِضَاكَ شَيْءٌ

أما بعد فيا عبادَ الله، دائما في إطار تتبعنا لمقتضيات صوم رمضان يليق بنا أن نقف اليوم عند ثالث مقتضى ألا وهو العناية بكتاب الله وكيف ينبغي لنا أن نتعامل معه خلال هذا الشهر الفضيل. أجل أيها الإخوة، سبق لنا أن تكلمنا في هذا الموضوع غير ما مرة وعن فضل تلاوة القرآن وحفظه وتدبره. ولكن أيُّنا يَمَلُّ من ذكرٍ كهذا؟ أليس القرآن هو كلام ربنا الذي أهداه لنا ليُسعدنا بما فيه من الآيات العظيمة والتوجيهات الربانية والأحكام السديدة المتجددة؟ فهلا قمنا من غفلتنا وانطلقنا مسرعين لاستدراك ما فاتنا من الاستفادة من كنوز لا حصر لها؟ إن صوم رمضان لهو فرصتنا السانحة لمعاودة الاصطلاح مع كتاب الله تعالى وقطع الطريق على هجراننا له، علما بأن الله يبشرنا فيه عنه بقوله:

إِنَّ هَـذَا الْقُرْءَانَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُومِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُومِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

فليرتبط في رمضان بالقرآن كل من كان قد هجره وليزد ارتباطا به أولئك الذين ما فتئوا يحبونه ففوائد ذلك لا تخفى ويا لَسَعْدَ من ذاقها. قال تعالى مبينا هذا:

وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ

نفعني الله وإياكم إخوتي بالقرآن العظيم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الحمد للهِ والصلاةُ والسلامُ على نبيِّ اللهِ وآله ومن والاه. عبادَ الله، إن مما ينبغي فعلَه خلال رمضان مع القرآن شيءٌ عظيم لا يتأتى لأيٍّ كان. ولكنه يسيرٌ على من يسره الله عليه علما بأن الذين يُيَسِّرُ الله عليهم الأمرَ المحبوبَ لديه هم فقط المحبوبون عنده، لأن الله تبارك وتعالى وعز متى عَلِمَ من عبدٍ نيةً صالحة وعزما صادقا على فعل الخير متى وفقه لمزيد من عمل الطاعات لقوله تعالى:

وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَءَاتَاهُمْ تَقْواهُمْ

وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ

أما الذين يرفضون الاستثمار في الخير فما عليهم إلا أن يتحملوا عبءَ تقهقرهم:

وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ

فلنتدرب في رمضان على وردٍ يومي نقرأه دون تكلف ونتدبره ثم لنعقد النية على حفظِ آيةٍ كلَّ يوم أو سورةٍ كل الأسبوع، ثم نختر لأنفسنا آيةً من آيات الإنفاق أو آية تدعو إلى الصبر أو التواضع أو الصدق أو تحث على صلة الرحم أو ما إلى ذلك فنجعلها شعارا نطبقه أثناء صومنا، كيفا قبل كمٍّ، فعن عائشة قالت:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا نَامَ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ مَرِضَ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً قَالَتْ: وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ وَمَا صَامَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا إِلَّا رَمَضَانَ

ثم بعد ذلك لا بأس أن يتحول المتعامل مع القرآن في رمضان إلى داعٍ إلى أخلاقه وتعاليمه بالحكمة والكلمة الطيبة والجدال بالتي هي أحسن، ولينظر بعدُ كيف سيتحول إلى الأفضلِ ببركة القرآن فيصبح من المرموقين ومن عباد الله المحبوبين لدى عموم الناس دون طلب منه ولا حرص. جاء في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال:

إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ

يرفع العاملين به صدقا ويضع المتظاهرين بذلك أو التاركين له بالمرة. نسأل الله السلامة والعافية ووفقنا سبحانه لما يحب ويرضى اللهم يسر لنا صوم رمضان واجعلنا فيه وبعده من المتعاملين مع القرآن آمين. اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى يسر له أمره كله واقض له حاجته واجعله من الصالحين وأقر عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرتِه الشريفة وشعبِه الأبي آمين والحمد لله رب العالمين.