Les exigences de l’accomplissement de la Prière

مقتضيات إقام الصلاة

الحمد للهِ رب العالمين نحمده تعالى على ما أعطى ونشكره سبحانه على ما أسدى ونثني عليه كما يحبُّ جل وعلا ويرضى ونَشهد أنه الله أهلُ المغفرة والتقوى والتوبة والرضى، جعل من إقام الصلاة ركنا من أركان الدين وأساسا عظيما من أسس استكمال التقوى التي بفضلها ندخل الفردوس الأعلى، قال جل جلاله:

الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُومِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ والَّذِينَ يُومِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا ونبينا محمدا عبدُ الله ورسولُه كان عند بيعة الناس له ينتظر منهم الوفاء بأمور ثلاثة، ففي الصحيح عن جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ:

بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ

أما بعد فيا أيها الإخوة والأخوات، إن مقتضيات الشهادتين، التي اطلعنا عليها في الأسبوعين ما قبل الماضي، سارت بنا إلى النظر في مقتضيات باقي أركان الإسلام التي نص عليها حديث البناء المشهور؛ بني الإسلام على خمس! وثاني هذه الأركان إقامُ الصلاة فما معنى ذلك وما هي مقتضياتُه يا ترى؟ وبعبارة أخرى هل يمكن أن نعتبر أنفسنا من المقيمين الصلاةِ فعلا؟ إن المفهوم الحق لإقام الصلاة هو الإتقانُ في الإتيان بشروطها من رفع للأحداث والأنجاس واستقبالٍ للقبلة وحرصٍ على الخشوع فيها. ثم أداءُ أركانِها كاملةً من قيامٍ وتلاوةٍ وركوعٍ ورفعٍ وسجودٍ وجلوس وما يتبع ذلك من حركات مطمئنةٍ تامةٍ غيرِ مختزلة. ثم العملُ بمقتضاها وما يعنيه ذلك من تذلل بين يدي الله عز وجل وتفكر فيما يُقرأ من القرآن والأذكار وإلقاءٍ للدنيا وراءَ الظهر عملا بقول ربنا تبارك وتعالى وعز:

وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي

ثم إن من مقتضيات إقام الصلاة إفساحُ المجال لأثرها يظهرُ على صاحبها سواءً في حياته الخاصة مع نفسه أو في معاملته لمن حوله أو على اتصالٍ به، مؤمنين كانوا أو كافرين، صالحين كانوا أو طالحين، كبارا كانوا أم صغارا، إناثا كانوا أم ذكورا. فاللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله والصلاةُ والسلامُ على رسول الله وآله ومن والاه. عباد الله، إن هذا المقتضى الأخير أي مقتضى السلوك هو الذي من أجله أنشأت هذه الخطبة لأنه غالبا ما يتم إغفاله. فجلنا يحرص على الإتيان بالشروط وأغلبنا يراعي القيام بالأركان وأكثرنا ينتبه إلى ضرورة الخشوع ويفعل ما بوسعه لأدائها في وقتها ولكننا حين ننظر إلى أثر هذه الصلاة في سلوكنا اليومي نجد قليلا من تُثْمِرُ فيهم الصلاة سلوكا بعيدا عن الفحشاء والمنكر رغم أن الله ربطها بترك الحرام فقال:

اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ

وجاء في تفسير ابن أبي حاتم عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ فقَالَ صلى الله عليه وسلم:

مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ فَلا صَلاةَ لَهُ

وفي المعجم الكبير للطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي  قال:

مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، لَمْ يَزْدَدْ مِنَ اللَّهِ إِلا بُعْدًا

والفحشاء والمنكر ينبغي أخذهما هنا بمفهومِهما الواسع وليس فقط على أن الفحشاءَ هو كلُّ ما يتعلق بالجنس وأن المنكرَ هو كلُّ ما له صلة بالإثم الظاهر أو الكبيرة المعلومة من الدين بالضرورة. فمقيم الصلاة لا يأتي هذا ولا ذاك ولكن أيضا لا يكذب ولا يخون ولا يتكبر ولا يفجر ولا يغدر ولا وَلا! فإن هو حرص على إقام الصلاة بهذا المعنى وابتعد كليةً عن السلوك السيئ إلا واقترب أكثر من العمل الذي يرضي الله سبحانه فيكون حينها من الصالحين. قال تعالى:

وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ

هذا واللهَ نسأل أن يوفقنا لإقام الصلاة، ويثبت في قلوبنا محبتها والاطمئنان لها ويجعل لنا من فضلها نصيباً وفي شفاعتها حظاً. اللهم اعف عنا واغفر لنا وارحمنا ورُدّنَا إليك ردا جميلا. اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، يسر له أمره كله واقض له حاجته واجعله من الصالحين وأقر اللهم عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه آمينَ آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.