Être satisfait d’Allah!!

الرضى عن الله

الحمد للهِ رب العالمين، نحمده تعالى ونشكره ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونشهد ألا إله غيره، لا ربَّ لنا سواه ولا معبودَ بحق إلا هو، وصف سبحانه وتعالى أهل الجنة وصفا دقيقا جديرٌ بنا أن نتأمله فنستخرج منه حقائقَ لا ننتبه إليها بالضرورة، فقال جل وعلا وقوله دائما صدق وحق وروعة وحكمة:

وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا ونبينا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسولُه أرشدنا صلى الله عليه وسلم إلى عمل بسيط ننال به رضى ربنا ونكون بموجبه من السعداء فقال صلى الله عليه وسلم:

مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّد ٍ نَبِيًّا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ

أما بعد فيا أيها البررة، قرأت قبل يومين موضوعا أعجبني وكان يدور بخلدي منذ مدة فأحببت مشاطرتكم إياه بعد صياغته صياغةً تلائم روح الخطبة وتتماشى مع الوقت المخصص لها، إنه موضوع الحمدِ لله والرضى عنه تعالى الذي يستوجب منا الوقفةَ تِلْوَ الوقفة لأننا غالبا ما نفقهه إلا قليلا، بينما الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم يقول في ما يرويه عنه ابن ماجة عن أنس بن مالك رضي الله عنه:

عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ

علما بأن الله تعالى يَبتلي كل البشر فهو بذلك يحبهم من غير استثناء، فمنهم من يبتليه بما يراه المرءُ خيرا له فيكون رضاه في شكره ومنهم من يُبتلى بما يسوءه فيكون رضاه في صبره وتحمله واحتسابه. عباد الله إن الرضى عن الله شيء كبير ومنزلة عظيمة لا يقوى عليها إلا أصحاب الإيمان الراسخ واليقين الذي لا يتزلزل ولذلك لم يذكرها ربنا في القرآن مقترنة برضاه عن العباد إلا أربع مرات وفي كل مرة عند عرض جزاء المؤمنين الصادقين من عباده المخلصين وذلك في سورة المائدة وسورة التوبة وسورة المجادلة وسورة البينة بقوله تبارك وتعالى:

رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ

فاللهم اجعلنا منهم آمين وقولنا دائما وفي كل الأحوال الحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. عبادَ الله، إن الله تبارك وتعالى عرَّف لنا المحبوبين لديه المرضيين عنده وبين أنهم خيرُ خلقه فقال:

إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيئَةِ جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ

مسألة رضى الله عن العباد ظاهرةٌ وهي التي يجري خلفها كل صادق بحرصه على فعلِ ما أُمر به وتركِ ما نُهِيَ عنه. أما مسألةُ رضى العباد عن الله فتحتاج إلى بيان إذ كيف للمرء أن يرضى عن ربه؟ الرضى عن الله هو التسليم والقبول بحب بكل ما قسمه الله لك من خير أو شر أي أنك إذا ابتليت امتلأ قلبك يقينا بأن الله، لأنه يحبك، أراد بك خيرا. فتوقف إذن عن الشكوى وفوض أمرك لله وحده. بُثَّ له شكواك وأَفصِح له عن رضاك سواء أعطاك أو منعك، أغناك أو أفقرك، كنت في صحة أو في مرض. بلغ ربك رضاك عن كل أحوالك، عن شكلِك، زوجِك، أهلِك، قدرِك ورزقك، فكل هذا، الذي اختاره لك هو الله فهلا رضيت عن اختيار الله لك؟ كن راضيا لتكون مرضيا سعيدا! واعلم أن الله لا يبتلي أحدا إلا ليغفر له ذنوبه أو ليرفع درجته في الجنة فارض عن ربك وكن من الصابرين الصادقين وكن من الشاكرين المخلصين وإذا أصابك مكروه جاز لك أن تتألم فهذا غير مناف للرضى المطلوب ولكن فرق كبير بين من يتفوه بكلمة الكفر عند المصيبة وبين من يحتسبها عند الله ويصبر ويرى في مصيبته تلك الخير العميم والأجر العظيم قائلا بلا تردد: الْعَيْنُ تَدْمَعُ وَالْقَلْبُ يَحْزَنُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا وإِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ليكون حتما ممن يقال عنهم:

أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ

فاللهم اعف عنا واغفر لنا وارحمنا ورُدَّنَا إليك ردا جميلا يا أكرم الأكرمين ويا مجيب السائلين. اللهم استرنا، اللهم استرنا. اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى اللهم يسر له أمره كله واقض له حاجته واجعله يا رب من الصالحين وأقر اللهم عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه والحمد لله رب العالمين.