Le mérite de la prosternation devant Dieu

فضل السجود لله تعالى

الحمد للهِ الذي خلقنا ورزقنا والشكر له سبحانه إذ تولانا فعَلَّمَنا، نشهد أنه اللهُ لا إله إلا هوَ ربُّنا، ربُّ السماوات الأرض وبينهما دلنا سبحانه وتعالى على عمل جليل نقوم به في حياتنا، فننال به رضاه ونُثبت به إنسانيتنا، فقال عز من قائل، مشيرا إلى ضرورة الدخول في سياق الكون وصيرورته العامة:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله، بيَّن لنا صلى الله عليه وسلم فضلَ السجود بين يدي الله تعالى فقال كما هو في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله:

إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلِي، أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ

وفي جامع الترمذي عن ثوبانَ مولى الحبيب وأبي الدرداء رضي الله عنهما:

عَلَيْكَ بِالسُّجُودِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً

أما بعد فيا أيها الإخوة البررة الكرام، لقد تكلمنا في الأسبوع الماضي عن فضل الاستغفار واليوم موعدُنا مع موطنٍ من أعظم وأجلِّ مواطن ذاك الاستغفار، ألا وهو السجود لله الواحد القهار. إن السجود هيئةٌ للخضوع المطلق، يضع المرء بها أعضاءه السبعة، جبهتَه وكفَّيْه وركبتَيْه ورؤوسَ قدمَيْهِ، على الأرض إيذانا منه بالتذلل لمن يسجد له. فإذا كان السجود لمخلوق أو صنم، تردى الساجد في دركات العبودية المنبوذة والشخصية المكسورة، وأما إذا كان السجود لله تعالى، ارتقى الساجد درجاتِ الكمال من جراء تواري الكبرياء والخيلاء عنه وحلول التواضعِ النبيل ووضاءةِ الوجه مكانهما، فإذا به يرتفع إلى ما يرفعه إليه قدر خشوعه وحسن نيته من منازل الرفعة الربانية:

وَمِنْ ءايَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ

نفعني الله وإياكم بآي القرآن وحديث النبي العدنان والحمد لله الملك الديان.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. إن المسلم الحق هو الذي يجد حلاوةً ولذةً عند سجوده لربه فإذا به يكثر من ذلك ويطيل البقاء بين يدي الملك، يناجيه ويتضرع إليه حبا في القرب منه وعلما منه بأن حاجاته عند ذلك ستقضى. يُحكى عن بعض السلف أنه كان إذا سجد كأنه ثوبٌ مطروح فتجيءُ العصافيرُ فتقعُ عليه لطول سجوده وقمة هدوئه وقلة حركته! هنا ستقولون لي إننا لا نشعر بشيء من هذا فهلا دللتنا على السبب؟ إن السبب هو عدم استحضار أحدنا بين يديِ مَن هو ساجد. أما لو فعل ذلك فإنه سيُغرم في السجود وحينها سيكون قد باشر علاجا لكثير من العلل ما بعده علاج. ألم تسمع إلى قول الحبيب المصطفى كما هو في الصحيح والسنن:

أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ

فالحل لجميع مشاكلك بين يديك إذن، فإذا كنت مريضا فاسجد لربك واطلب منه الشفاء وإذا كنت مهموما فاسجد لربك واسأله أن يرفع عنك همك وإذا كنت مدينا فاسجد لربك ليقضي عنك دَيْنَك وإذا أحاط بك العدو فاسجد لربك ليكفه عنك فالحل أصلا بين يديك. ألم تر إلى تربية الله تعالى لنبيه:

وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ

لم يقل رد عليهم بالمثل أو سبهم أو انتقم منهم وإنما وجهه إلى التسبيح والسجود المتكرر المتواصل حتى يقضي الله أمرا كما مفعولا. وحسبنا قوله تعالى أيضا:

فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِمًا أَوْ كَفُوراً وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً

أما عن الاستغفار فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول أثناء سجوده:

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ

وهذا هو علاج الذنوب الأكبر وباب الكمال البشري الأعظم. اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا. اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى اللهم يسر له أمره كله واقض له حاجته واجعله يا رب من الصالحين. اللهم أقر عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه آمين والحمد لله رب العالمين.