La pluie tarde à venir, que faire?

تأخر الغيث فما العمل؟

الحمد للهِ مُنزلِ الرحمات ومُبدعِ النعم، نحمده تعالى على كل ما أسدى ونشكره سبحانه على كل ما أعطى ونسأله المزيد، نشهد أنه الله الذي لا إله إلا هو، ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكُه وسيِّدُ كلِّ مخلوقٍ وفاطرُه، بين لنا حكمةَ تأخيرِ وصول بعض النعم لعباده وضرورةَ التحلي بالصبر إلى مجيء الفرج من لدنه، فقال جل جلاله:

وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الاَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله، جاءَهُ بعضُهُمْ يشكو له قلةَ القطر من السماء ويطلب منه الاستسقاء لهم فقال له صلى الله عليه وسلم كما هو في سنن ابن داود ومستدرك الحاكم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه:

اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا نَافِعًا، غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ، قال: فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ

وعند ابن ماجة عن كعب بن مرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مَرِيئًا مَرِيعًا، طَبَقًا عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، قَالَ: فَمَا جَمَّعُوا حَتَّى أُجِيبُوا، قَالَ: فَأَتَوْهُ، فَشَكَوْا إِلَيْهِ الْمَطَرَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، قَالَ: فَجَعَلَ السَّحَابُ يَنْقَطِعُ يَمِينًا وَشِمَالًا

أما بعد فيا أيها الإخوة البررة الكرام، إن الله تبارك وتعالى هو الرزاق ذو القوة المتين ولا شيء يقع في هذا الكون إلا بإذنه سبحانه فالأمر كله إليه وبين يديه لا يعزب عنه. أما نحن فعباده، أحببنا أم كرهنا، أردنا أم أبينا، والسعيد منا من كان عبدا له محبةً وطوعا، لأنه ساعتَها يتولاه سبحانه فلا ينزع عنه رحمةً ولا خيرا، وحسبنا في فهم هذا المعنى قوله سبحانه وتعالى في سورة محمد:

أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الاَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُواْ أَهْوَاءهُمْ

نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من عباده المؤمنين لنكون بفضله من أوليائه فلا نحتاجَ بعد ذلك إلى ناصرٍ غيرِه ولا ربٍّ سواه آمينَ آمين والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. عباد الله، إن تأخر الغيث وقلةَ القطر من السماء لهما بدون شكٍّ علةٌ، عَلِمها من عَلِمَها وجَهِلَها من جَهِلَها، ولكن الله تبارك وتعالى بموجب رحمته وحُكمِ رأفَتِه بعباده أرشدَنا إلى دواءٍ عظيم لتلك العلةِ، ويا سَعْدَ من انتبه إليه فتناوله كما ينبغي. ذلكم هو الدواء الذي ذكره نوح عليه السلام لقومه وهو يرغبهم في عبادة الله ويدعوهم لطلب مغفرته سبحانه وعدمِ ازدراء قدرته وتركِ التنكر لنعمته. قال تعالى مشيرا:

فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً

إنه الاستغفار، سبيل العبد الأوحد إلى الكمال، فالإنسان حتما غيرُ مكمول لا من حيث إيمانُه ولا خُلقُه ولا عَمَلُه، فهو حين يصلي مثلا لا تكون صلاتُه كاملة مائةً بالمائة، فيضطر بعدها للاستغفار جبرا لما يكون قد شابها من نقص في الخشوع أو التلاوة أو الركوع والسجود وما إلى ذلك. وأيضا في سلوكه، لا أحد يستطيع أن يدعي الكمال فنحن محتاجون إلى الاستغفار لجبر ما يصدر عنا من سوء الخلق وهكذا في جميع الميادين. من منا يدعي أنه يؤدي أعماله اليومية على أكمل وجه دون نقص ولا غش ولو طفيف؟ فالاستغفار ليس من الذنوب والمعاصي فقطْ، كما يظن الكثير، وإنما استشعارا لعدم بلوغ الكمال. ولا شك أن تأخر الغيث، فضلا عن كثرة ذنوبنا، له علة تَكْمُنُ في نقائصنا التي تستوجب منا استغفارا بعد استغفار وتوبةً بعد توبة. ولا يغرننا ما ينزل من القطر بين الفينة والأخرى فقد علمنا قول الحبيب ولولا البهائم لم يمطروا، فإيانا أن نكون ممن عليه فضل غيره، بل لنكن من المستحقين لذلك الفضل ولن يتأتى لنا ذلك إلا بكثرة الاستغفار والتوبة النصوح وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين. اللهم اغفر لنا، اللهم ارحمنا. اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى اللهم يسر له أمره كله واقض له حاجته واجعله يا رب من الصالحين. اللهم أقر عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه آمين والحمد لله رب العالمين.