La médisance et la calomnie sont dévastatrices

احذروا التعرض لأعراض الناس

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمدا يستوجب الدوام على حمده ونشكرهُ جل وعلا شكرا يدعو إلى مزيد من شكره، ونشهد أنه الله، لا إله إلا هو، بين لنا عاقبة الاستطالة في أعراض الناس فقال، كما هو معلوم، في سورة النور:

إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبدُ الله ورسوله حذرنا من مغبة الوقوع في أعراض الناس وتتبع عوراتهم فقال صلى الله عليه وسلم كما هو في السنن والمسند والصحيح:

يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِيمَانُ قَلْبَهُ، لا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلا تُعَيِّرُوهُمْ وَلا تَطْلُبُوا عَثَرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْ عَوْرَةَ الْمُسْلِمِ يَطْلُبِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَطْلُبِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ

أما بعد فيا عباد الله، أوصيكم ونفسيَ المذنبةَ أولا بتقوى الله فإن تقوى الله خير زاد ولهي الملجأ الوحيد بل الأوحد للنجاة من سخطه سبحانه والفوز برضوانه. أيها البررة وعدتكم في الخطبة ما قبل الأخيرة أن أتعرض في ما تبقى من جُمع السنة الهجرية، قبل الحج، لبعض الآيات والسور التي لها دلالةٌ معينة أو فضلٌ بينٌ أو حكمٌ خاص وإني لماض على هذا المنوال بإذن الله مذكرا نفسي وإياكم بقوله تعالى في سورة النور وفي سياق ذكر حادثة الإفك الذي طال بيت النبوة وخاصة عِرض أمنا عائشة الصديقة، من غير حشمة ولا وقار:

إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسِبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُّومِنِينَ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

فماذا دهى المسلمين في هذا الزمان بعد هذا البيان الرباني العظيم. أو لم تعد لهم آذان يسمعون بها ولا قلوب يفقهون بها؟ إن الذي أصبحنا نسمعه على أمواج الإيداعات ونقرؤه على صفحات مواقع التواصل والجرائد الإلكترونية من ولوغ في أعراض الناس بلا حدود، فهذا يأتي بالخبر والآخر يعلق وثالث يرد بالقذف والسب، إن كل هذا لجدير بأن يستوقفنا لمراجعة أنفسنا. فالإسلام الذي حبانا الله به طالبنا بطلب الستر لا بحبك الفضيحة والحمد لله.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. من أجل هذا عباد الله نقول للمتكلمين في الأعراض والمعلقين عليها، المغرضين منهم والهواة، اتقوا الله في أنفسكم فإن انتهاك الأعراض بالظن، وحتى بغيره، كبيرة من الكبائر وجب التبرؤ منها، خصوصا وأن الحبيب المصطفى يقول كما يروي ذلك البراء رضي الله عنه:

الرِّبَا اثَنَانِ وَسَبْعُونَ بَاباً، أَدْنَاهَا مِثْلُ إِتْيَانِ الرَّجُلِ أُمَّهُ، وَأَرْبَى الرِّبَا اسْتِطَالَةُ الرَّجُلِ فِي عِرْضِ صَاحِبِهِ

ألا إن حُرمة الأعراض عظيمة والتعرض لها مشين للغاية ولا يليق بخلق المسلم الذي يدعوه دينه الحنيف إلى بذل قصارى جهده في ستر عيوب الناس والسعي إلى عدم فضحهم أو جعل الألسنة تلوك حالهم من غير رقيب ولا حسيب ولا حياء ولا حشمة. ألسنا نسمع قول الحبيب الصحيح المليء بالرأفة والرحمة:

الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

فيا من يتعرض بالشماتة لغيره أو يغرد ويعلق مستهينا بأعراض إخوانه، أدعوك إلى وقفة مراجعة. لا تُسْلِمْ نفسك للأخبار الزائفة ولا للكلام الذي يروج من غير بينة. حصن نفسك ضد الشائعات بالتثبت ولا يجرمنك شنآن قوم على ألا تعدل ولا تنس أن الرقيب البصير سبحانه سيسألك على كل كلمة تلفِظها أو تكتبها أو تخطر ببالك فتعتقدها، أليس الله تعالى هو من قال:

وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا

المَرْءُ إِن كَانَ عَاقِلاً وَرِعاً *** أَشْغَلَهُ عَن عُيُوبِ غَيْرِهِ وَرَعُه
كَمَا العَلِيلُ السَّقِيمُ أَشْغَلَهُ *** عَنْ وَجَعِ النَّاسِ كُلِّهِمْ وَجَعُه

اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة! اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى ثبت مسعاه وسدد خطاه واملأ قلبه بنور الإيمان ومنطقه بحق اليقين واجعل يا الله فكره عامرا بذكرك آمين. اللهم لا فرج إلا فرجك ففرج عنا كل كربة وشدة يا من بيده مفاتيح الفرج واكفنا شر من يريد ضرنا من إنس وجان وادفعه عنا بيدك القوية يا قويُّ يا قويُّ يا قويُّ إنك على كل شيء قدير آمين والحمد لله.