Comment reconnaître un vrai croyant? (deuxième partie)

كيف تعرف المؤمن من غيره؟ الجزء الثاني

الحمد لله رب العالمين، نحمدك ربي ونشكرك ونستهديك ونستغفرك ونشهد أنك الله لا إله غيرك ولا رب لنا سواك، ذكرت لنا الصفات التي تحب أن تراها متمثلة في عبادك المؤمنين المتقين فقلت وقولك دائما حقٌّ وصدقٌ ويقين:

إِنَّمَا الْمُومِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُومِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله، لما أراد أن يُجمل لنا القول في تعريف المؤمن الحق قال كما هو في السنن والمسند من طرق شتى:

الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ

أما بعد فيا أيها الأحبة الكرام، رأينا في الخطبة الماضية الصفتين الأُولَيَيْنِ اللتين يُعرف بمها المؤمن الحق من غيره وتَعَيَّنَ علينا اليوم أن ننظر في الصفة الثالثة فنعرضَ أنفسنا عليها لنعلم أين نحن منها ونتخذ الإجراءات اللازمة لتصويب المسار نحوَها، إن كان هناك من اعوجاج في طريقتنا للأخذ بها وتنزيلها حيز التطبيق. إن الصفة الثالثة من صفات المؤمن الحق لهي التوكل على الله الذي لا يحسنه كم غفير من المسلمين ويا للأسف الشديد. إن التوكل على الله مفتاح عظيم من مفاتيح السعادة، ومعناه أنك حين تُقْدِمُ على فعل شيء، أيا كان نوعه، تتخذ له الأسباب اللازمة لتلتئم ظروف وقوعه ثم بعد ذلك تفوض أمرك كاملا لله تعالى ليتولى هو سبحانه إعطاء الشيء الذي تريده أنت الصورة التي يراها هو مناسبة. وحينئذ لا تبالي أبدا بالنتيجة لأنك تعلم يقينا أنها جاءت على الوجه الأصوب وأن الله يعلم وأنت لا تعلم. قال الله تبارك وتعالى:

كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ

ومن ثم لا يجد التذمر سبيلا إلى نفسك ولا الحزن طريقا إلى قلبك فأنت مطمئن إلى أن الله لا يفعل بك إلا خيرا وأن ما أصابك، وإن كان على غير ما كنت تهواه، إنما يُخفي وراءه من الخير ما لا تتوقعه فلله وحده الحمد والشكر والمنة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. إن قضية التوكل جديرة بأن يعتني بها المسلمون أكثر من غيرها لأنها تكنز سرّاً مَن عثر عليه هانت عليه كلُّ مصيبة وكسب بفضله كلَّ حسنة وعاش في راحة وأمان لأن المتوكل على الله حقا يودع كل أنواع الغضب إلا لله ويعيش راضيا مرضيا وصدق الله العظيم حين ذَكَّرَ نبيه الكريم بهذه النعمة حين قال له:

وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُومِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

لو عول النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه ليخرج منتصرا من تلك الظروف الصعبة التي كان يمر بها لما استطاع، ولكن توكله حقا على الله مكنه من اجتياز كل الصعوبات من غير عناء يذكر، ولذلك كان يُعَلِّمُ أصحابه وإيانا من خلالهم ويقول كما روى ذلك الترمذي وابن ماجة وأحمد وغيرهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرُزِقْتُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصاً وَتَرُوحُ بِطَاناً

ورحم الله مؤمنَ آل فرعون حين خشي على نفسه من بطش العدو قال صادقا وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد، فكانت النتيجة أن نجاه الله تبارك وتعالى من عدوه وأهلك من كان يريد به سوءا، حيث قال سبحانه وتعالى:

فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ

أما حبيبنا وقدوتنا الذي قال له ربه فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين فقد فهم الدرس جيدا فأعطانا أعظم مثال في فن التوكل. قال تعالى:

الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ

اللهم بصرنا بعيوبنا واهدنا إلى ما فيه خيرنا وكن لنا ولا تكن علينا يا ربنا. ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا. اللهم استرنا. اللهم انصر ولي أمرنا وارفع شأنه كله وأصلح به وعلى يديه ووفقه للخير وأعنه عليه وأقر عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه آمين والحمد لله رب العالمين.