A l’occasion de la journée mondiale de l’hygiène des mains

بمناسبة اليوم العالمي لنظافة الأيدي

الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى على كافة نعمه ونشكره جل وعلا على جميع عطائه ونشهد أنه الله، لا رب لنا سواه ولا إله لنا غيره، شرع لنا الوضوء للصلاة وبين لنا من خلاله قواعد النظافة العامة فقال سبحانه وتعالى :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ

ثم إنه جل شأنه شرع لنا الغسل من الجنابة رغم قلة الماء التي كانت تُعْرَفُ بها البيئة الصحراوية التي نزل فيها القرآن الكريم أول مرة، وكل ذلك إنما يدل على استحباب تنظيف الجسم من العرق ومن الأوساخ والأدران التي تعلق به عادة بحكم النشاط العادي للإنسان، فقال عز جاره وهو أصدق القائلين:

وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله أسس لهذه المعاني العظيمة حين قال صلى الله عليه وسلم في ما يرويه عنه سعد بن أبي وقاص وهو من العشرة:

إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ، فَنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ

ويقول عليه الصلاة والسلام في ما يرويه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه:

حَقٌّ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ

أما بعد فيا أيها الأحبة الكرام، مرادي في هذه الخطبة أن أقف معكم على أمر بسيط علمنا إياه دينُنا الحنيف ثم جاء الطب الحديث وعلمُ الوقاية الصحية فأكدا أهميته إلا أن كثيرا من الناس لا تلقي له بالا ولا تُعير له اهتماما. إنه غسل اليدين والمحافظة على نظافتهما. وإنما اخترت هذا الموضوع تزامنا مع اليوم العالمي لنظافة الأيدي الذي تحتفي به المنظمة العالمية للصحة في الخامس من مايو من كل سنة تحت شعار نظفوا أيديكم لإنقاذ الأرواح. نعم أيها الإخوة والأخوات قد يبدو هذا الموضوع بديهيا بالنسبة لكثير منا ولا يحتاج إلى تذكير ولا أن تخصص له خطبة ولكن الأصل فيه أننا لا نعمل به كما ينبغي فوجبت الإحالة عليه ولو بالاقتضاب والإشارة الطفيفة والحمد لله والله أكبر.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. عباد اللهِ، لقد حثنا الله تعالى بطريقة غير مباشرة على غَسل اليدين ما لا يقل عن خمس مرات في اليوم وذلك عند الوضوء للصلوات الخمس ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نصح الأمة بغسل اليدين قبل الطعام وبعده وذلك حين جاءه سلمان الفارسي رضي الله عنه فأخبره أنه قَرَأَ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ بَرَكَةَ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ بَعْدَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

بَرَكَةُ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ وَالْوُضُوءُ بَعْدَهُ

وفي حديث ابن ماجة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُكْثِرَ اللَّهُ خَيْرَ بَيْتِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ إِذَا حَضَرَ غَدَاؤُهُ وَإِذَا رُفِعَ

واتفق كثير من أهل العلم على أن كلمة الوضوء هنا تشير إلى غسل اليدين وربما أيضا إلى غسل الفمِ. وأيّاً ما كان، فالشاهد عندنا هو في الحث على نظافة الأيدي وما تؤدي إليه من تفادي الأمراض حتى قال  فيما يرويه الترمذي في جامعه وابنُ حبان في صحيحه والحاكمُ في مستدركه عن أبي هريرة رضي الله عنه:

مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ فَعَرَضَ لَهُ عَارِضٌ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ

فعلى هذا ينبغي لغسل اليدين أن يكون عند المسلم من قبيل العادة التي لا ينفك عنها أبدا سواءً قبل الوضوء وعند الخروج من قضاء الحاجة أو عند الطعام وبعده أو عند مباشرة علاج الجروح وما إلى ذلك من مواقف يخشى فيها من الجراثيم العالقة والتي لا يراها الإنسان بالعين المجردة أن تؤذيه أو تؤذي غيره علما بأن إلحاق الأذى بالنفس أو الغير محرم شرعا. قال تعالى:

وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ

والحرص على النظافة حتما من مظاهر الإحسان فارعوه رحمكم الله ولنكن عند ذلك من المنتبهين. رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ. اللهم بصرنا بعيوبنا واهدنا إلى ما فيه خيرنا وارحمنا وانصرنا على من عاداك وعادانا يا خير مسؤول ويا أفضل مأمول، اللهم انصر ولي أمرنا وارفع شأنه كله وأصلح به وعلى يديه ووفقه للخير وأعنه عليه وأقر عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه آمين والحمد لله رب العالمين.