Où en sommes nous par rapport à notre propre unité?

(أين نحن من الوحدة المرجوة؟)

الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى ونشكره ونستهديهِ وَنَسْتَعِينُه ونشهد أنه الله لا إله غيره لا نحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه نستغفره ونتوب إليه قص علينا جملة من أحوال رسله والصالحين من عباده فقال جل في علاه:

يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَأَنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله وَعَظَ أصحابه ذات يومٍ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:

أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ

أما بعد فيا أيها الإخوة والأخوات، إن من أعظم ما أوصانا به ربنا، نحن معشر المسلمين، توحيدَ الكلمة في ما بيننا ودرءَ جميعِ أنواعِ الاختلاف المؤدي إلى البغضاء والكراهية والتشتت. إلا أن واقعنا اليوم يُظهر لنا أن الأمة المحسوبة على الإسلام بعيدةٌ كلَّ البعد عن الائتلاف المطلوب. في البداية تبددت الخلافة وفتُِحَ الباب على مصراعيه لولادة دول شتَّى كلُّ واحدة تنادي بشعارها الخاص، ولكن على العموم بقي الناس متمسكين نسبيا بالوحدة المرجوة باسم الدين والعقيدة وهذا في حد ذاته أمر محمود إلا أنه سرعان ما جاء الاستعمار فَعَمِلَ على ترسيخِ الحساسيات بين الشعوب عملا بوظيفة إبليس التي قال عنها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في ما يرويه الإمام مسلم عن جابر:

إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ، فيلتزمه

ولقد أفلح الأعداء إلى حد كبير في مهمتهم وأصبح المسلمون بعضُهم يكيدُ لبعضٍ بعد أن كانوا بنعمة الله إخوانا، فلا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. عباد الله، إن الذي جعلني أطرق باب هذا الموضوع في هذه الخطبة هو ما نراه اليوم من تشتت كلمة المسلمين على كافة الأصعدة بينما ربنا جل وعلا يقول لنبيه الكريم ومن خلاله لنا ولجميع من سبقنا ومن سيأتي بعدنا ممن يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله:

وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

لم يعد المسلمون اليوم يقتصرون على تفريق كلمتهم على صعيد الدول فقط بل أضحوا يتناحرون حتى داخلَها بحكم العصبية فأصبح كلٌّ ينادي بعرقه بينما حبيبنا وقدوتنا وإمامنا ينهانا عن ذلك. روى الشيخان عن جابر رضي الله عنه قال:

كُنَّا فِي غَزَاةٍ (أَوْ فِي جَيْشٍ) فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَار وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار فَقَالَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ

ولا نحتاج إلى الذهاب بعيدا لنتيقن مما نحن عليه من خطر! ألا يراد لبلدنا أن ينفصل عنه جنوبه ولا زال الجهاد مستمرا لنحول بيننا وبين ذلك راجين من الله أن يديم علينا نعمة الوحدة مع إخواننا في الصحراء، عملا بقوله تعالى:

إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ

ثم ما بال تلك الدعاوى العرقية التي ترفع بحدة رغم أننا نعلم أن لا فضل لعربي على أمازيغي ولا ريفي على سوسي ولا منحدر من جبل على آخر من سفح إلا بالتقوى ما دام الجميع يشهد شهادة الحق وينتمي إلى هذا الوطن العزيز فكلنا إخوة! دعونا إذن من الأحكام المسبقة والألفاظ المخزية والسباب المجاني الذي تغزونا به يوميا وسائل الإعلام والألسنة المغرضة فاللهم رحماك، تداركنا يا الله بعفوك واكفنا شر أعدائك وألهمنا رشدنا لا يُلهم إليه إلا أنت واهدنا إلى السداد لا يهدي إليه إلا أنت. اللهم انصر ولي أمرنا وارفع شأنه كله وأصلح به وعلى يديه ووفقه للخير وأعنه عليه وأقر عينه بولي عهده آمين والحمد لله.