Soyez galants avec vos femmes

(استوصوا بالنساء خيرا)

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمد العارفين المتقين ونشكره جل وعلا شكر الأولياء الصادقين ونشهد ألا إله إلا اللهُ وليُّ الصالحين خلق الزوجين الذكَر والأنثى وأمرهما أن يتعاملا فيما بينهما بالحسنى فيشتركا في إقامة حياتهما على التقوى وحسن المعاشرة والأخلاق المثلى ليبلغا بذلك الدرجات العلى، فقال جل جلاله:

وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله، ضمَّن آخر وصاياه في حجة الوداع وصيتَه بالنساء وما يحق على الرجال فيهن فقال صلى الله عليه وسلم:

اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئاً غَيْرَ ذَلِكَ

ثم قال صلى الله عليه وسلم في تتمة حديثه هذا وهو عند الترمذي عن عمرو :

أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ

وفي حديث آخر لأحمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُهُمْ خِيَارُهُمْ لِنِسَائِهِمْ

وفي رواية للترمذي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:

إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ

أما بعد فيا عباد الله، لا زلنا على عهدنا في اقتفاء القدوة وامتثال الإسوة إلا أننا في هذه المرة، تفاديا منا للملل الذي يحدثه عادةً التكرار، سنرجئ التعرف على الشخصيات التي برزت عبر تاريخنا المشرق إلى ما بعد نهاية السنة للوقوف على معاملة سيدِنا محمد للمرأة وذلك بمناسبة ذكرى مطلع الربيع النبوي. كانت المرأة في الجاهلية تُملَكُ و لا تَملِك، تُورَثُ و لا تَرِثُ وتُكرَهُ على الزواج بمن تكره فجاء الإسلام فرفع من شأنها وأقر لها بحقوقها فحررها من العبودية وخلصها من الوأد والظلم والاضطهاد؛ وإنَّ ما نراه اليوم من طمس لحقوق المرأة إنما هو وليدُ تخلف المسلمين وإرثٌ من إرث الجاهلية الأولى. أما الإسلام فهو براء منه؛ قال تعالى:

وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً

أي أن المرأة خلقت من نفس جنس الرجل فليست البتة غريبةً عنه بل مشاركةً له في بناء الحياة من كل جوانبها وفي كل نواحيها مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم إنه ربي أهل لذلك والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه، إن المرأة عبادَ الله تمثل نصف المجتمع وبحكم تأثيرها في زوجها وأولادها تمثل أكثر من النصف ولا أدل على ذلك من أنها في عهد النبوة كانت تشارك في النشاط الروحي والتعليمي فتحضر الصلوات وتخرج إلى العيد وتذهب إلى الحج وتتعلم العلوم. قال تعالى:

وَالْمُومِنُونَ وَالْمُومِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُوتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

ثم إن المرأة كانت تشارك في الأنشطة كلها فقد روي أن عمر نهى عن التغالي في المهور فاعترضته امرأة فقالت: ألم تسمع يا أمير المؤمنين إلى قوله تعالى وءَاتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا؟ فقال: أصابت المرأة و أخطأ عمر! وفي الجهاد كانت تخرج مع الجيش لتقوم بدورها فعن أم عطيةَ الأنصارية قالت: غزوت مع رسول الله سبع غزوات أخلُفُهم في رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى. ثم إنها كانت تشارك في العمل المهْني فعن جابر رضي الله عنه قال:

طُلِّقَتْ خَالَتِي فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: بَلَى فَجُدِّي نَخْلَكِ فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا

فكيف يتهيأ بعد هذا البيان لأناس أن يضيقوا على المرأة إلى درجة تعنيفها ضربا وسبا والحدِّ من حريتها نظريا وعمليا. إن العنف ضد النساء لا أصل له والدين منه براء والأدلة على ذلك أكثر من أن تسرد مع التأكيد هنا في ناحية أخواتنا على أنه رغم كل هذا لا سبيل لإلغاء الفوارق الفطرية التي بين الذكر والأنثى، فالذكر ذكر والأنثى أنثى وليس الذكر كالأنثى والحكمة في ذلك أن لكل منهما رسالةً تليق به وبطبيعته وبمؤهلاته، وإلا فما معنى وجود الجنسين أصلا إن كانا سيطلبان بالمثلية مائة بالمائة. وإنما هي فوارق وتكامل لا محالة، وصلى الله على سيدنا محمد، اللهم إنا نسألك الرشاد والتقى والفوز بالجنة اللهم اهدنا واهد أزواجنا إلى ما فيه رشدنا ورضاك اللهم أيد أمير المؤمنين وأعنه على إعلاء كلمتك ونصرة دينك والوقوف في وجه المحتالين من أعدائك. اللهم قو دائرته وبطانته بالصادقين المخلصين وأسعده يا ربنا بولي عهده السعيد وارحم والده الفقيد يا ولي يا حميد اللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذل المسلمين والحمد لله رب العالمين.