Être à la hauteur de la confiance mise en nous est une priorité incontournable

(المسؤولية أمانة فلا تضيوعها)

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمد المعترف له بالنعمة ونشكره جل وعلا شكر من يدين له بالفضل ونشهد أنه الله، لا إله إلا هو، أشار سبحانه وتعالى إلى عِظَمِ شأنِ الأمانةِ في الدين وما يترتب عن تضييعها من فساد فقال جل جلاله:

إِنَّا عَرَضْنَا الاَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُومِنِينَ وَالْمُومِنَاتِ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله، جاءه أبو ذر الغفاري فقال له، يا رسول الله، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ثُمَّ قَالَ:

يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا

أما بعد فيا أيها البررة الكرام، موضوع الأمانة موضوع شائك عريض، لا يمكن الإحاطة به أبدا فهو ذو شجون وشُعَبُهُ لا تكاد تنقضي، فهناك أمانة الدين وما يتعلق بها من صفاء العقيدة وحسن أداء العبادات المختلفة والحرص على تبليغه للناس كما يحب ربنا ذلك ويرضى، وثمة أمانة الحياة وما تحمله من معاني الاحترام للروح البشرية والمعاملة الطيبة للغير والحرص على عدم ترويع الناس في بيوتهم ومحلاتهم التجارية وفضاءاتهم الطبيعية، وأيضا أمانة الودائع وما يعنيه ذلك من المحافظة عليها والحرص على إرجاعها إلى أصحابها دون تغيير ولا تبديل، ومن الأمانة أنواع أخرى لا تحصى ورغم ذلك على المسلم أن يقف عليها حين تعرض عليه فيؤديها حق أداءها. ومن بين هذه الأنواع أمانة الخدمة التي يرشح الإنسان نفسها لتقديمها لإخوانه وأخواته. فهناك أمور ليست مفروضةً من الدين ولكن حين يُقْدِمُ المرء على ترشيح نفسه للقيام بها يصبح محاسبا عليها لا محالة إن هو ضيعها. فالتولية والاستعمال الذي طلبه أبو ذر من النبي صلى الله عليه وسلم من هذا القبيل. فهو حين سأله أن يستعمله ظن أن ذلك سيزيده شرفا وسيمكنه من الحصول على جاه معين وأنه سيستفيد ولكن الرسول الكريم رده بالجميل فنبهه إلى خطأ التقدير الذي وقع فيه، إذ الترؤس على الناس لا يُكسِبُ جاها حقيقيا لصاحبه إلا بقدر ما يكون الرئيس في المستوى المطلوب من خدمة مرؤوسيه ولله الحمد والمنة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. عباد الله، إن الترشح إلى مزاولة تسيير الشأن المحلي والجماعي لا ينبغي أن يكون الباعثَ عليه هو المكسب الفردي والامتياز الاجتماعي ولكن بغيةُ الإصلاحِ وخدمةِ الآخرين من المواطنين تماما كما قال شعيبٌ مبررا تربعه على كرسي الرسالة:

إِنْ أُرِيدُ إِلّاَ الاِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلّاَ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ

وفي معاجم الطبراني الثلاث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى الله أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى الله سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا وَلَئِنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلأَ اللهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثَبِّتَهَا لَهُ ثَبَّتَاللهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامُ

فيا من تود خدمة الوطن والمواطنين هذا منهجك! احرص على نفع الناس وليكن هدفك إدخالَ السرور عليهم لا إسخاطَهم بتقديم مصالحك على مصالحهم وكن ممن يعمل على كشف كرب المكروب وقضاء دَيْنِ المدين عوض أن تفرض عليه رشوة ولا تتوان في قضاء حوائج الناس دون غضب فأنت الذي رشحت نفسك لذلك المكان وقم بعد كل هذا بمحاسبة نفسك إذ هي لا تخلو من تقصير وخير الخطاءين التواب لا المعجب بنفسه المتشدق بما يقوم به ورحم الله ابنة شيخ مدين حين رشحت موسى عليه السلام لخدمة أبيها فقالت:

يَا أَبَتِ اسْتَاجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَاجَرْتَ الْقَوِيُّ الاَمِينُ

أما يوسف عليه السلام فحين رشح نفسه للمسؤولية لم يقل أنا ابن فلان أو صاحب كذا وكذا وإنما نظر إلى خصلتين
عظيمتين فيه فوثق من أحقيته بما يطلبه فقال:

اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الاَرضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ

فإن كنت واثقا من نفسك فتبارك الله واعلم أن من طلب الإمارة وُكِلَ إِلَيْهَا وَمَنِ ابْتُلِيَ بِهَا وَلَمْ يَسْأَلْهَا أُعِينَ عَلَيْهَا اللهم اعصمنا من الزلل وأعنا على طاعتك في كل وقت وحين ودون انقطاع آمين وصل اللهم على النبي، اللهم انصر ولي أمرنا وارفع يا رب شأنه كله وأصلح به وعلى يديه ووفقه للخير وأعنه عليه وأقر عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه آمين والحمد لله.