Préservez votre fraternité et empêchez Satan de la détruire

(حافظوا على أخوتكم ولا تتركوا مجالا للشيطان للتفريق بينكم)

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمد المعترف له بالنعمة ونشكره جل وعلا شكر من يدين له بالفضل ونشهد أنه الله، ذكرنا بنعمة الأخوة وحثنا على الحفاظ عليها والعمل على إرسائها بكل ما أوتينا من قوة، فقال تقدست أسماؤه:

إِنَّمَا الْمُومِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله، لم يبرح حتى أكد على هذا المعنى العظيم فقال صلى الله عليه وسلم كما اتفق على ذلك الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه:

إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا

 

أما بعد فيا عباد الله، كثرت في زماننا هذا الخصومات وأصبح الناس تقوم بينهم العداوات لأدنى سبب، فتراهم يبنون تلك العداوات على ظنون أو قل أوهام سرعان ما تتحول إلى حقائق في أذهانهم فلا يتمكنون من رؤيتها على حقيقتها ولا يستطيعون بعد ذلك نزعها فتؤول علاقة البشر إلى أسوأ بعد سيئ وهذا أصلا لا يليق بمن يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا. إن الله تبارك وتعالى يقول:

اتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّومِنِينَ

 

عباد الله، إنه لا مجال في الإسلام للنزاع بين الإخوة سواء كانوا إخوة في الدم أو إخوة في الدين أو بالأحرى إن كانوا فيهما معا. إن الخصام منشؤه اختلاف الرغبات والأهواء، يزينه الشيطان لمن يستمع إليه فيتركه يلعب بفكره فيذهب به المذاهب بينما المطلوب من المسلم أن يسعى دائما إلى لم الشمل بكل الوسائل والإمكانات حتى لا يطغى الشحناء فيُسَوِّدَ القلوب. كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري:

رُدَّ الخُصُومَ حَتَّى يَصْطَلِحُوا فَإِنَّ فَصْلَ القَضَاءِ يُوَرِّثُ بَيْنَهُمُ الضَّغَائِنَ

 

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا

فيا من بينهم سوءُ تفاهمٍ لا تتركوا سبيلا للشيطان يعكر أجواء العلاقة بينكم، بل بادروا إلى تصفية القلوب وترطيب الخواطر والبادي في هذه أفضل وليس بأظلم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. عباد الله، إن أطيب حياة يعيشها المؤمن في هذه الدنيا هي حينما يكون مراقبا لله، حَسَنَ الطوية لعباد الله. فاحذر أيها المسلم الكريم أسباب البغضاء وإذا جاء إليك أخوك معتذرا فاقبل معذرته واسعَ إلى إنهاء الشحناء وإن كان لك الحق عليه. قال عمر رضي الله عنه:

أَعْقَلُ النَّاسِ أَعْذَرُهُمْ لَهُم

 

وقال الإمام الحسن بن علي رضي الله عنهما وأرضاهما:

لَوْ أَنَّ رَجُلاً شَتَمَنِي فِي أَذُنِي هَذِهِ وَاعْتَذَرَ إِلَيَّ فِي أَذُنِي الأُخْرَى لَقَبِلْتُ عُذْرَهُ

 

وروي أن الإمام الحسين كان بينه وبين أخيه ابنِ الحنفية خصومةٌ وبعد أيام كتب هذا الأخير رسالةً ضمنها اعتذاره فما إن وصل الكتاب إلى الحسين حتى قام لساعته وذهب إلى أخيه فالتقى به في منتصف الطريق فتعانقا وبكيا وتصالحا فيا له، عند الاثنين، من صفاء سريرة وطيب خاطر وإرادةٍ للخير وكيف لا يكون المسلم كذلك وربنا عز وجل يدعونا للعفو والصفح ولو كان الظلم المتسبب في المشكل بهتانا وإفكا. ألم تر إلى قضية عائشة وكان قد تكلم بالسوء فيها مسطح ابن خالة أبيها فقرر أبو بكر قطيعته ووَقْفَ نفقته عليه فأنزل الله تبارك وتعالى قوله فيه:

وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

 

فقال أبو بكر: بل نحب يا رب أن تغفر لنا، فذهب إلى ابن خالته وتسامح معه ورد إليه نفقته. فما بال أقوام لا يجد العفو إلى قلوبهم سبيلا. ألسنا محتاجين إلى عفو ربنا أكثر من الصديق. بلى والله. فلنبادر إذن إلى حب الآخر وإلى التعاون معه على الخير وقضاء مصالحه والاهتمام بأمره، غافرين الزلات، ساترين العورات ومتجاوزين عن السيئات اللهم اعصمنا من الزلل وأعنا على طاعتك في كل وقت وحين ودون انقطاع آمين. وصل اللهم وسلم على نبينا الكريم وعلى آله وكل من والاه يا رب العالمين. ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، اللهم انصر ولي أمرنا وارفع يا رب شأنه كله وأصلح به وعلى يديه ووفقه للخير وأعنه عليه وأقر عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه آمين والحمد لله.