Les dix derniers jours du Ramadan sont là! Continuons de profiter du Coran

(دخل العشر الأواخر من رمضان فلنكمل استفادتنا من القرآن)

الحمد لله الذي فرض علينا صيام شهرِ رمضان وجعل من خصائص هذا الموسم العظيم أن أنزل فيه القرآن ونشهد أنه الله لا إله غيره، لا رب لنا سواه ولا معبود بحق إلا هو، دعانا سبحانه وتعالى لعبادته وللإسلام له والحرص على تلاوة القرآن والعمل على التعرف على ما فيه من آيات وأسرار فقال جل جلاله وهو الكريم المنان:

مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ ءَامِنُونَ وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلّاَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْءَان فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ ءَايَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله حذرنا صلى الله عليه وسلم بقوة من أخذ القرآن دون العمل بأوامره والوقوف عند نواهيه فقال صلى الله عليه وسلم في ما صح عنه:

إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ، فذكر من بينهم: وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُعَرِّفَهُ نِعَمَهُ، فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: مَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَال تَعَلَّمْتُ فِيكَ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، فَقَال: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ لِيُقَالَ هُوَ عَالِمٌ، فَقَدْ قِيلَ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَيُسْحَبُ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ

وعن ميمون بن مهران عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم:

يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَعَلَّمُونَ فِيهِ الْقُرْآنَ فَيَحْفَظُونَ حُرُوفَهُ وَيُضَيِّعُونَ حُدُودَهُ، فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا جَمَعُوا، فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا جَمَعُوا، وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا صَنَعُوا وَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِهَذَا الْقُرْآنِ مَنْ رَأَى أَثَرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَمَعَهُ، وَإِنَّ أَشْقَى النَّاسِ بِهَذَا الْقُرْآنِ مَنْ جَمَعَهُ فَلَمْ يَرَ أَثَرَهُ عَلَيْهِ

أما بعد فيا أيها الأحبة البررة الكرام، دخلت علينا العشر الأواخر من رمضان وما أسرع الزمان! فبالأمس القريب استقبلنا شهر الصيام فما لبث أن انتصف بنا، وها نحن الآن نستعد لتوديعه! فيا لسعد من اغتنمه فأحسن الصيام وحرص على الاستفادة من القرآن. أيها الإخوة، لقد سبق أن قلنا إن سر الاستفادة من القرآن يكمن في قراءة ما تيسر منه وذلك بتخصيص وقت لتلاوته في خشوع دون إغفال تدبره وتطبيق ما جاء فيه من أوامر ونواهي وتبليغ ما ورد فيه من أخبار وتعاليم إذ ليست العبرة في تلاوته الجافة ولكن في ما تحدثه فيك تلك التلاوة على مستوى سلوكك وتصرفاتك وكذا معاملتك لغيرك ورحم الله عمر رضي الله عنه حين قال:

لا يغرركم من قرأ القرآن، إنما هو كلام نتكلم به ولكن انظروا من يعمل به

فاللهم لا تحرمنا فضل العمل بالقرآن واجعل من هذا الشهر العظيم فرصة لنا نجدد فيها علاقتنا به فنكون ممن ستُشَفِّعُهُ فيهم فرضيتَ عنهم والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. أيها الإخوة البررة، إن من شروط العمل بالقرآن وتبليغ معانيه أن يتدبره الإنسان أثناء تلاوته، وهذا الأخير أي التدبر لا يخفى أنه السبب الأعظم والهدف الأسمى الذي من أجله أنزل القرآن على قلب سيد ولد عدنان. ألم تسمعوا إلى قوله تبارك وتعالى:

كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا ءَايَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الاَلْبَابِ

فكيف لنا أن نقرأ القرآن فنتدبره؟ إن تدبر القرآن يكون في التأمل بمعانيه وتحديق الفكر فيه والنظر في مبادئه وعواقبه ولوازم ذلك. قال الحسن البصري:

ما أنزل الله من آية إلا وهو يحب أن يُعْلَمَ فيما أُنزِلَتْ وماذا عُني بها

ومن أهم الوسائل التي تعين على التدبر تفريغ القلب من الانشغال بغير الله عند التلاوة ثم احرص على ترتيله وتحسين الصوت به وهذا يستوجب منك تعلم علم الترتيل وفضلُ ذلك لا يخفى. ثم أيضا، كن عند التلاوة ممن يستشعر أن الله تعالى يكلمه فقد روي عن علي أنه قال: إذا أردتُ أن يكلمني الله قرأت القرآن وإذا أردت أن أكلم الله قمت إلى الصلاة. ثم أثناء ذلك كله حاول فهم معاني القرآن بالرجوع إلى التفاسير الأيسر فالأيسر ولا تكلف نفسك النظرَ في أصعبها بل خذ بأيسرها وحاول الوقوف عند المواعظ التي تتلوها والقصص التي يحكيها لك ثم لا تتوانى في العمل بالأحكام التي ترد عليك فيه، فمثلاً إذا قرأت قول الله تعالى:

وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً

عمدتَ إلى نفسك فحملتها على عدم الكلام إلا في شيء تعلمه وعلى الامتناع عن الكلام في أمر لا تعلمه ولا تكن ممن يشرب القرآن شرب الماء لا يجاوز ترقوته فإن فعلت ذلك حصل لك من اليقين ما ستحمد الله عليه واذكر قول الله تعالى:

هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ

فاللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجِلاء أحزاننا وذهاب همومنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإياك سألنا فلا تحرمنا تدبر كتابك، واجعلنا ممن يذوق حلاوة ذلك اللهم انصر ولي أمرنا وارفع يا رب شأنه كله وأصلح به وعلى يديه ووفقه للخير وأعنه عليه وأقر عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه والحمد لله.