La première moitié du Ramadan est déjà écoulée! Avons nous profité du Coran?

(انتصف رمضان فهل استفدنا من القرآن؟)

الحمد لله الذي فرض علينا صيام شهرِ رمضان وجعل من خصائص هذا الموسم العظيم أن أنزل فيه القرآن ونشهد أنه الله لا إله غيره، لا رب لنا سواه ولا معبود بحق إلا هو، أكد على هذا التنزيل في شهر رمضان فقال تعالى وهو الكريم المنان:

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ /// إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

ثم كان سبحانه أكثر وضوحا فقال في سورة البقرة كما جاء في آيات الصيام:

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَان هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ

ونشهد أن نبينا وحبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسوله أكد على فضل الاهتمام بالقرآن فقال كما يروي ذلك الإمام أحمد في مسنده والبيهقي في شعب الإيمان:


اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأْتِي شَفِيعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِصَاحِبِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ يُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ

أما بعد فيا أيها الأحبة البررة الكرام، ها قد انتصف شهر الصيام والسؤال الذي يُطرح بحدة هو من منا استطاع خلال هذه الأيام أن يستفيد من القرآن؟ والجواب عن هذا السؤال بين أمرين اثنين لا ثالث لهما! فهو إما بنعم وإما بلا! فإن كان بنعم فعليك أن تحمد الله تعالى أن وفقك لذلك ويسر الأمر لك فيه، ثم أن تجند نفسك للديمومة على ما أنت عليه من الفضل والخير وكن ممن يقول فيهم رب العزة:

أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ

وإذا كان الجواب بلا فلا عليك، لا تخجل من نفسك فلا زالت بقيةُ وقتٍ تستدرك فيها ما فات، فلا تيأس ولا تبخل على نفسك ولا تركن إلى الدنيا بل جدد نيتك وعزمك بقول أستغفر الله تعالى وأتوب إليه علما بأنه سبحانه يقول في أمثالك:

إِلّاَ مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ

وعسى إن فعلت ذلك وانطلقت إلى الاستفادة من القرآن أن تكتب أيضا في عداد خدامه، ويا له من شرف عظيم أن تكون من خدام كتاب الله. فاللهم لا تحرمنا فضل خدمة كتابك واجعل من هذا الشهر العظيم فرصة لنا نجدد فيها علاقتنا به فنكون ممن ستُشَفِّعُهُ فيهم فرضيتَ عنهم والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. أيها الإخوة لقد أجبنا عن السؤال الأول وتبين لنا من خلال ذلك أن الفرصة قائمة لم تفت بعد وأن لا مجال لليأس من رحمة لله تعالى؛ فلنتأهب إذن للسؤال الثاني الخاص بمعنى الاستفادة إذ هناك من سيسأل قائلا: إنني أريد أن أستفيد من كتاب الله تعالى فكيف لي ذلك وما السبيل إليه؟ والجواب أيها الكرام من كتاب الله نفسه. يقول تعالى:

إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفِهُ وَثُلُثِهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الاَرضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَءَاخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ

فالسر كله في تلك القراءة! إن الإنسان، بحكم انشغالاته المتفرقة ومتطلبات الحياة المتعددة، لا يستطيع التفرغ كليا للقرآن وبالتالي هو مطالب بقراءة ما تيسر منه أي بتخصيص وقت معين بالنهار أو بالليل، كل حسب إمكانياته وظروفه، فيجلس لقراءته. المهم أن تكون للقرآن مكانة في قلبك لا تُنسى، تجعل منك إنسانا يعتقد أن القرآن كلامُ الله يعلو ولا يعلى عليه فتعظمه حسا ومعنى، فلا شيء ولا أحد يتقدم عليه عندك فإذا جلست لتلاوته ولو يسيرا جلست طاهرا مطهرا خاشعا متخشعا باكيا متباكيا عملا بقول الحبيب المصطفى في السنن:

إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ، فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا وَتَغَنَّوْا بِهِ فَمَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنَّا

ثم خصص لك وردا يوميا من الحفظ عن ظهر قلب ولو قليلا، عسى أن تكون من المبيضةِ وجوههم المتنورةِ صدورهم العامرةِ قلوبهم بما يرضي الله ففي الحديث:

إِنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ

ثم أثناء ذلك لا تغفل عن التدبر والتطبيق والتبليغ فتلك من الضروريات التي لا بد من العودة إليها في فرصة قادمة للتمكن من الإحاطة بها فنرجو الله أن يوفقنا إليها ولها، اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر آمين، اللهم انصر ولي أمرنا ارفع يا رب شأنه كله وأصلح به وعلى يديه ووفقه للخير وأعنه عليه وأقر عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه والحمد لله رب العالمين.