Naissance du Prophète puis manifeste de l’indépendance

رأس السنة الميلادية وما يرافقه من منكرات

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمدا لا ينبغي إلا له ونشكره جل وعلا شكرا لا يليق إلا به ونشهد أنه الله، لا رب لنا سواه ولا نعبد إلا إياه حذرنا من تقديم حب متاع الحياة الدنيا على حبه وحب حبيبه فقال:

قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ


ونشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبدُه ورسوله كان صحابتُه يحبَّونه أكثرَ من ذواتهم وأنفسهم إلى درجةٍ جعلت بعضَهم يدرك المنازل العظمى عند الله ولمَّا يعملْ عملا صالحا يُذكرُ إلا ذاك، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليهوسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: وَمَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ؟ قَالَ: حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ: فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ

أما بعد فيا أيها الأحبة الكرام عشنا في الأسبوع الماضي على إيقاع ذكرى مولد الحبيب وذلك راجع على وجه الخصوص إلى شدة محبتنا لشخصه الكريم، فمحبته صلى الله عليه وسلم أصل من أصول ديننا الحنيف، فلا إيمان لمن لم يكنِ الرسول صلى الله عليه وسلم أحبَّ إليه من كل شيء في هذه الدنيا؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَحَتَّى يُقْذَفَ فِي النَّارِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْهُ وَلَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ

إلا أن هذه المحبةَ عباد الله لا بد من التأكيد على أنها لا تتحقق بإظهار مشاعر الفرح فقط عند مجيء ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم، خصوصا إذا كانت تلك المشاعر تناقض بعض ما جاء به صلى الله عليه وسلم من هدي. فالفرح الحق بنبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم إنما يتبلور في إقامة سنته في أرض الواقع ثم بطاعة أوامره قدر المستطاع وباحترام كلي لنواهيه، لا بالاقتصار على التغني المفرط بما وقع عند مولده من أحداث وابتداع أشعار ليس لها أصل في موارد سيرته الشريفة فاللهم إنا نشهدك على حبنا إياه واحترامنا البالغ له وتجندنا الموقن وراءه وفخرنا اللازم بإتباعه واعتزازنا بالانتماء إليه ثم إننا نشهدك يا الله أننا نتشرف بكل ذلك ونحمدك عليه.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. أيها الإخوة، ومن مظاهر محبة رسول الله الإكثارُ من الصلاة عليه ففي الترمذي وحسنه عن ابن مسعود عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:

أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً

وَرُوِي عَن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا وَكَتَبَ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ

وكفى بك فخرا أنك إذا صليت عليه تكون حينها مؤتمرا بأمر ربك جل في علاه فاعلا فعله تبارك وتعالى وفعل ملائكتِه الكرام فهو سبحانه القائل:

إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

عباد الله، هذا بمناسبة ذكرى مولد الحبيب. وثَمَّ مناسبةٌ أخرى يحييها المغاربة خاصة نود التذكير بها لأنها تذكرنا بخلق عظيم يعطي ربُّنا تعالى عليه من الأجر ما لا يعطيه على غيره ألا وهو خلق الصبر والمصابرة:

إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ

فبالصبر تحصل التقوى ويأتي النصر:

تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ

أيها الأحبة الكرام ما أحوجنا لأخذ القدوة ممن سبقنا من الأخيار والسير على نهجهم والتأسي بأسوتهم حتى نتمكن من إدراك ما أدركوا من حرية ومجد ورقي ورفاهية وحسنِ تدبيرٍ وتناغمِ معاملةٍ وتخليق حياة! فهلا قمنا بالاقتداء بسلفنا القريب فضلا عن سلفنا الأول الذي ضحى بالغالي والنفيس لإعلاء كلمة الله! أليس من الواجب علينا أن نحافظ نحن أيضا على عقيدتنا ونذود عن ديننا بالعمل على تثبيت أخلاق نبينا والاتصاف بالتواضع المطلوب منا ثم بالعمل على تحقيق استقلال كامل لهويتنا وتجريدٍ محكمٍ لبلادنا من كل ما يُدس لها من دسائس العنصرية البغيضة والتفرقة الملعونة، فاللهم أدم علينا نعمة الإيمان وصل وسلم على سيد ولد عدنان اللهم انفعنا بمحبته ولا تخالف بنا عن نهجه واحشرنا في زمرته اللهم انصر ولي أمرنا نصرا تعز به الوطن والدين اللهم ارفع شأنه كله وأصلح به وعلى يديه ووفقه للخير وأعنه عليه وأقر عينه بولي عهده وشد أزره بصنوه واحفظه في سائر أسرته وشعبه آمينَ آمين والحمد لله رب العالمين.