Journée mondiale de la langue arabe

اليوم العالمي للغة العربية

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى ولا نحمد أحدا سواه ونشكرهُ جل وعلا شكرا لا ينبغي لأحد غيرِه، ونشهد أنه الله، لا إله إلا هو، نوه بلغة القرآن في أحد عشر موضعا من كتابه، مبيَّنا أنها العربية، فقال مثلا في الشعراء:

وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ

وفي سورة الزمر قال سبحانه وتعالى:

وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ

أما في سورة فصلت فيقول عز شأنه:

حم تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ


ونشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبدُه ورسوله حث صلى الله عليه وسلم على المحافظة على هذه اللغة العظيمة من خلال حفظه في أهلها فقال عليه الصلاة والسلام:

احْفَظُونِي فِي الْعَرَبِ لِثَلاثِ خِصَالٍ، لأَنِّي عَرَبِيٌّ وَالْقُرْآنَ عَرَبِيٌّ وَلِسَانَ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَرَبِيّ

أما بعد فيا عباد الله، أحيى المنتظم الدولي بالأمس اليوم العالمي للعربية وهذا إن كان يدل على شيء فإنما يدل على عظم شأن هذه اللغة، مما يستدعي فينا التفكير في الذود عنها والافتخار أكثر بالانتماء إليها؛ فاللغة العربية تعد من أقدم اللغات وأكثرها انتشارا في العالم حيث يتحدث بها قرابة خمسمائة مليون نسمة متفوقة على لغات كثيرة منها على الخصوص الفرنسية والروسية. ولا تعجبوا إذا قلت لكم أن العربية من بين اللغات السبع الأكثر استخداما في الشبكة العنكبوتية. فما لنا إخوتي أصبحنا نخجل من لغتنا؟ أنا لا أريد هنا إثارة جدل ما وإنما فقط أتساءل لماذا هذا التعنت في استصغار العربية وتعويض الفصحى بالدارجة! لماذا الإصرار على إقناع الناس بأن اللغة العربية لا تتماشى مع العصر وخصوصا التقدمِ العلمي الذي نشهده بينما ربنا يربطها بالعلم كما يؤكد أنها لغة القرآن فيقول:

وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا

أيها الإخوة لقد من الله علينا بأفصَحِ لسانٍ وأبلغ بيانٍ وأفضلِ لُغةٍ فحَقٌّ لها علينا أن نبُلَّها ببِِلالِها ونرعى قدرها ونسعى لنَجدتها كلما استطعنا إلى ذلك سبيلا والحمد لله أولا وآخرا.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. عباد الله، لغتنا العربية هي كما قال الشافعي أوسعُ الألسِنة مذهبًا وأكثرُها ألفاظًا ولها مكانتُها العُظمى في هذا الدين، حتى قال أحد الأئمة ربما دعوتُ فلَحَنتُ فأخافُ أن لا يُستجابَ لي وكان آخرُ إذا لحَنَ استغفرَ اللهَ. فاتقوا الله عباد الله، والزَموا لغةَ دينكم! ألا تحبون أن تتكلموا لغة كان يتواصل بها أفضل مخلوق؟ ألا تحبون أن تتخذوه أُسوة وقدوة؟ ألم تسمعوا إلى قول ربنا:

لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا

إن اللغة الأم هي ميزان دقيق ومعيارٌ أساس في حفظ الهوية ثم هي مصدر عظيم من مصادر القوة المجتمعية، بها تظهر شخصية الإنسان فتثبت أمام الضعف والتقهقر والاندثار فيا حبذا لو قمنا برد الاعتبار للفصحى عوض القيامِ بحملات تخريبية مغرضة على لوحات الإشهار وأوراق الصحف حيث طغت الدارجة بل أدهى من ذلك حتى هذه الأخيرة أصبحت تكتب بغير الحرف العربي الأصيل فالعين ثلاثة والحاء سبعة والقاف تسعة وهلم جرا ولا حول ولا قوة إلا بالله. إن هذا الوضع لا يزيدنا تقدما بل ينزل بنا في دركات الاندحار أليس منا رجل رشيد؟ ولا بد من التأكيد هنا على أن ليس لي أي غرض في ضرب اللغات الأخرى بقدر ما أريد التنبيه إلى ضرورة عدم إغفال اللغة الأم في ضمان الرقي والتقدم وإلا فإن اعتِزازَنا بلُغتنا لا يُنافِي حاجتنا إلى تعلُّم غيرها. حفِظَ اللهُ لغتَنا من كل مكروه وحيَّا أهلَها وذوِيها وأبقاهم لها ذُخرًا يصُونون عِرضَها ويحفَظون أرضَها ويسترِدُّون قرضَها ويجمَعون شتاتَها ويُحيُون مواتَها إنه جوادٌ كريمٌ اللهم إنا نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا وآخرتنا اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى ثبت مسعاه وسدد خطاه واملأ قلبه بنور الإيمان ومنطقه بحق اليقين واجعل يا الله فكره عامرا بذكرك آمين اللهم وأقر عينه بصلاح ولي عهده آمين والحمد لله رب العالمين.