Tous contre le viol de l’enfance (1)

كلنا ضد تعنيف الأطفال واغتيال براءتهم (1)

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى ولا نحمد أحدا سواه ونشكرهُ جل وعلا شكرا لا ينبغي لأحد غيرِه، ونشهد أنه الله، لا إله إلا هو، ذكر لنا في سورة مريم قصص جملة من الأنبياء والرسل ثم ختم الكلام بالتنويه بذريتهم فقال:

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا

ثم إنه سبحانه وتعالى بين لنا في سورة الصافات علاقةَ العطفِ والاحترامِ التي كانت قائمةً بين سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، فقال عزوجل في هذا الصدد، مشيرا إلى نوع الحوار الهادئ الذي دار بين الوالد وولده وغيابِ العنف والتعنيف رغم جلالةِ الموقف وخطورةِ ما رام إليه الأب من ذبح ابنه؛ قال تعالى:

فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيِّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِيَ إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ


ونشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبدُه ورسوله بين شدة حرصه صلى الله عليه وسلم على ملاطفة الأطفال ومعاملتهم بالحسنى فقَالَ عليه الصلاة والسلام:

لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا

عباد الله، قبل أسبوع دار الكلام عن العنف ضد الطفل، تلك الظاهرة التي أصبحت فعلا تؤرق مجتمعاتنا ولربما لا ننتبه إليها كما ينبغي ونحن من على هذا المنبر لا نملك إلا أن نضم صوتنا إلى من ينادي بمراجعة طرق التعامل مع الطفل إلى ما هو أفضل وذلك أن ديننا الحنيف لم يأل جهدا في التنبيه على وجوب ملاطفة الطفل والحرص على عدم تعنيفه بله استغلاله معنويا أو جسديا أو جنسيا. فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتردد في ممازحة الصبيان ومؤاكلة الأيتام والمسح على رؤوسهم بل يقول بكل حب ووضوح:

مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تُدْرِكَا، دَخَلْتُ الْجَنَّةَ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوسْطَى

وأعطى صلى الله عليه وسلم أبهى مثال لهذا التعامل اللطيف حين كان يصلي وهو حامل لحفيدته أمامة وغيرَ ذلك من صور الحب والحنان التي كان يكنها للصغير فلله الحمد والمنة على هذه القدوة.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. عباد الله، هناك من الآباء والمربين من غاض نبع الحب من قلوبهم وسقطت أوراق الحنان من نفوسهم فتراهم لسنة نبيهم تاركين ولتعاليم دينهم متناسين، فهم ينتهكون الطفولةَ بأبشع صورة ويغتالون البراءة بكل شراسة. ألا إن الطفولة تحتاج منا لغير ذلك فكم تؤرقني تلك الجملة التي لطوال ما سمعناها اذبح أنت وأنا أسلخ! فمتى كان تحفيظ كتاب الله يحتاج إلى هذا؟ وإنا لله ولا حول ولا قوة إلا بالله! أيها الوالد أيها المربي، دع عنك تلك الطرقَ التربويةَ المتدهورة فإن الله تبارك وتعالى يقول لنا جميعا:

الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا

وهذا بيان رباني جليل يفيد أن البنين مصدر عظيم للسعادة في هذه الحياة فما بال أقوام يريدون تحويل سببٍ من أسباب سعادتهم إل جحيم؟ أليس منهم رجل رشيد؟ ثم إن هناك نوعا آخر من تعذيب الأطفال شائعا فينا وهو السائد أثناء الخلافات الزوجيّة حين يشاهد البريء إساءةً من أبيه لأمه أو العكس سواء كانت لفظية أو جسدية أو معنوية؛ فمرحبا هنالك بالعقد النفسية التي تأخذ في النماء فيخبو وهَجُ الحياةِ لديه فينسحِبُ ذلك على عدمِ مُبالاتِه بالتّعليم فلا يعنيه، ويُعَتِّم المستقبَل في ناظرَيْه؛ فلا حُلم يُداعبُه ولا أمل يُناغيه، شاهَت الأيام في عينيه ومعاني الأمومةِ والأُبُوَّة في ناظرَيْه والوالدان غيرُ مُبالِيَيْن فهما يتنافسان أيهما الأسوأ، بل أيهما لجُرح طفلهما ينكأ فلا يبرأ؛ أيها الإخوة هذا الحديث أطول من أن نتعرض إليه في خطبة منفردة وليس من عادتي أن أتجاوز المعقول في حصة واحدة ومن ثم فسنعود بإذن الله لهذا الموضوع الهام في مرة قادمة. اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة! اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى ثبت مسعاه وسدد خطاه واملأ قلبه بنور الإيمان ومنطقه بحق اليقين واجعل يا الله فكره عامرا بذكرك آمين اللهم عجل بشفائه وأقر عينه بصلاح ولي عهده آمين والحمد لله رب العالمين.