Quels amis choisir?

اختيار الأصحاب والتحذير من رفقة السوء

الحمد لله رب العالمين نحمده ونشكرهُ ونستهديه ولا نكفره بل إننا نتوب إليه ونستغفره ونشهد أن لا إله غيره، قص علينا قصة أصحاب الكهف مؤكدا على أنهم شبابٌ خائف على نفسه من الزيغ ثم أثنى على إيمانهم به فقال:

أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا


ونشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبدُه ورسوله، أعطى لنا صلى الله عليه وسلم مثالا على ما ينبغي أن تكون عليه صحبة المؤمن فقال كما في مسلمٍ عن أبي موسى:

إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً

أما بعد، فيا أيها الإخوة البررة الكرام اتقوا الله فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب وطاعتَه أعلى نسَب. إنني أحبتي في الله أغتنم الدخولَ المدرسي لتوجيه نصيحة إلى نفسي ثم إلى أبنائي الطلبة والتلاميذ ثم إلى كافة الحاضرين حول ما ينبغي أن تكون عليه رفقة المؤمن في حياته وأصل كلامنا في موضوعنا هذا أن الناسَ معادنُ مختلفة وطبائِعُ مُتفاوتة وأصنافٌ مُتعدِّدة وكلٌّ يميلُ إلى من يُوافِقُه ويصبُو إلى من يُشاكِلُه ويحِنُّ إلى من يُماثِلُه، كما قال صلى الله عليه وسلم:

الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ

إن العاقلَ هو من يُخالِطُ الأفاضِل فلا يُصافِي غريبًا حتى يعرف أحوالَه ولا يُؤاخِي مستورًا حتى يكشِف أفعالَه فيطمئن إلى صلاحه وإلا ترك وما هو عليه من زيغ وطلاح وشطط فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ

أي ليتأمَّل أحدُكم ويتدبَّر من يُخالِط فإن رضِيَ دينَه وخُلُقَه صاحبه وإلا تركه وطلاحَه، فصُحبةُ السُّوء تُغوِي والطباعُ تُعدِي. قال أحد الحكماء:

من يصحَب صاحبَ السوء لا يسلَم كما أن من يدخل مداخِل السوء يُتَّهَم

وقال آخر:

لا تُسافر مع فاسِقٍ، فإنه يبيعُك بأكلةٍ وشربةٍ

وفصل الكلام في الختام دائما أن الحمد لله على ما تكرم به وأسدى.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. إن مصاحبة أهل السوء كمصاحبة إبليس من توخاها أوقعته حتما في المهالك لأن َمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا سَاءَ قَرِينًا ومن كان الغرابُ به دليلا يَمُرُّ به على جِيَفِ الكلابِ. أوَ تريد الصلاح من فاقده أم تبغي النجاح ممن هو أصلا ساقط فكيف تطلبُ من أعمَى أن يقودَك وأنت ترى بأم عينيك أنه يبحث عمن يهديه؟ فمن قادَه أهلُ الزَّيغ والفِسق لا شك أنه ستدركه الحسرة في يوم من الأيام وسيغلب عليه الأسف والندم وهيهات هيهات أن ينفعه ذلك:

وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذتُّ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا

فيا فوزَ من وعَى! ويا سعادة من إلى ربِّه سعَى! فإن سألتني وأيَّ الصفاتِ أختار في الصاحب حتى أكون مُؤَمَّناً فائزا قلت لك تماما كما قال أحد الحكماء في وصيَّته لابنه:

اصحَب من إذا صحِبتَه زانَك وإن خدمتَه صانَك وإن أصابَتك خصاصةٌ أعانَك وإن رأى منك حسنةً عدَّها وإن بدَت منك ثُلمةٌ سدّها

وخيرُ الجُلساء من تُذكِّرُ بالله رؤيتُه وتنفعُ في الحياة حكمتُه وتُعين على الطاعةِ نصيحتُه وسيرتُه لأن من كان هذا هو ديدنَه فهو بالضبط من وصى ربك بصحبته حيث قال تعالى:

وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا

فكن يا مسلم ذا قريحة في البحث عن أصحاب صالحين وابتعد ما أمكنك عن رفقاء السوء الذين يدعونك إلى المعصية ولا يرقبون فيك إلا ولا ذمة فهمهم فقط اقتراف الحرام وإصابة الشهوات وإثارة غضب الله. اللهم قو إيماننا ويسر الهدى لنا، كن لنا عند اختيار الأصحاب وباعد بيننا وبين رفقاء السوء كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى سدد خطاه وثبت مسعاها واملأ قلبه بالإيمان ومنطقه باليقين واجعل فكره عامرا بذكرك آمين اللهم وأقر عينه بصلاح ولي عهده وطاعة أسرته وحب شعبه آمين وآخر دعاء منا دائما الحمد لله رب العالمين.