Le repentir à l’occasion du Ramadan

التوبة ورمضان

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى كما ينبغي لجلاله وجهه وعظيم سلطانه ونشكرهُ جل وعلا كما يليق بوافر عطائه وكريم آلائه ونشهد أنه الله دعا عباده المؤمنين إلى التوبة الشاملة وإلى الرجوع الصادق إليه فقال جل جلاله:

وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ


ونشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبدُه ورسوله حثنا على الهجرة بنوعيها فَقَالَ صلى الله عليه وسلم مبينا ذلك أعظم بيان:

إِنَّ الْهِجْرَةَ خَصْلَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنْ تَهْجُرَ السَّيِّئَاتِ وَالْأُخْرَى أَنْ تُهَاجِرَ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَلَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا تُقُبِّلَتْ التَّوْبَةُ، وَلَا تَزَالُ التَّوْبَةُ مَقْبُولَةً، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنَ الْمَغْرِبِ، فَإِذَا طَلَعَتْ، طُبِعَ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ بِمَا فِيهِ، وَكُفِيَ النَّاسُ الْعَمَلَ

أما بعد، فيا أيها الإخوة البررة الكرام إن شهر رمضان الذي نحن فيه يُعرف عند عموم الناس بأسماء كثيرة منها شهر القرآن وشهر الصيام وأيضا شهر الصبر وشهر التقوى وكل هذه النعوت وغيرُها في كتاب الله ولكن ثمة اسم عظيم لا بد وأن ننتبه إليه فننطلق للعمل بمقتضاه وهو الذي أشار إليه حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال:

إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَقَالَ مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ

إيه عباد الله إن شهر رمضان هو شهر التوبة بامتياز فلا تتركوا هذه الفرصة تمر سدى، بل أقبلوا على الإنابة إلى ربكم مهما كانت ظروفكم ولا تظنوا أن كثرة الذنوب تمنعكم لأنكم بالتوبة تسجِّلون أسماءكم في قائمة المحبوبين عند اللهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ. فإذا كانت ذنوبك كبيرة فإياك أن تيأس من رحمته سبحانه:

قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم

وكم هي راسخة في أذهاننا قصة ذاك المجرم الذي قتل مائة روح ثم أراد التوبة فتاب الله عليه لكونه صدق في ندمه وتحرك لإعطاء الدليل العملي على صدقه فخرج من غير شرط من بلدة السوء التي كان يقطن فيها مبتغيا تجديد نوعية حياته بحشر نفسه بين الأصفياء من خلق ربه! عند هذا الحد أرى أيها الإخوة سؤالا قادما من هناك يقول، فماذا تقترح علينا فعلَه وأي شيء تدعونا إليه؛ والجواب بعد الاستراحة بإذن الله والحمد لله.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. أيها الإخوة، إن التوبة التي نحن مطالبون بها اليوم هي التي يقول فيها ربنا تبارك وتعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ

والتوبة النصوح هي الإقلاع الفوري عن الذنب مع الندم على ما فرط منه والعزمِ الصادق على عدم العود إليه وهذا لا يتأتى إلا بالابتعاد الكلي عن بؤر الفتن التي تدعو المذنب إلى فعل الذنب فيستطيع تعويضَهُ بعمل مبرور يمحوه تماما كما قال صلى الله عليه وسلم وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وقال ربنا سبحانه:

إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا

فلابد إذن لمن أراد التوبة أن يبتعد عن الوسط الفاسد الذي يُذكي في نفسه نار المعصية ولابد له أيضا أن تكون هناك عملية تبديل جذرية لحياته بأن يستبدل أصحابَ السوء بأصحاب التُقى والخير ومجالسَ الغيبة والنميمة الفجور بمجالس الذكر والقرآن وما يحبه الله تعالى من طيب الكلام! فلا تبخل على نفسك، بل اتخذ من شهر رمضان موعدا لرجوعك النهائي إلى ربك وضع كامل ثقتك فيه سبحانه أنه سيقبل توبتك لأنه يقول لك:

وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا

فيا تارك صلاة الجماعة كن ممن يعمر مساجد الله واعزم على أن لا تترك صلاةً واحدة تفوتك بعد اليوم، وإن كنت من أهل الكبائر فلا عليك، بل تب إلى الله بترك أكل الربا وفعل الزنى وشرب الخمر والتبغ وقبض الرشوة وتقديمِها ونقِ مالك من الحرام أيا كان فاللهم قو إيماننا ويسر لنا الهدى، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا يا ربنا من التائبين، اللهم وفق أمير المؤمنين لما تحب وترضى، اللهم سدد خطاه وثبت مسعاه، املأ قلبه بالإيمان ومنطقه باليقين واجعل فكره عامرا بذكرك. اللهم وأقر عينه بولي عهده وبطاعة أسرته وبحب شعبه آمين وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.