Valeurs morales de tout commerçant

آداب التجارة والبيع قبل رمضان وفي غيره من الأيام

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى ولا نحمد أحدا سواه ونشكرهُ جل وعلا شكرا لا نشكره أحدا غيره ونشهد أنه الله بين لنا أصول الكسب الحلال وكيف ينبغي التعامل معه وأنه مرتبط مباشرة بعبادته تعالى فقال جل جلاله:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ


ونشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبدُه ورسوله أعطى تعليماته للناس عامة وللتجار خاصة بالحرص على تزكية ما يروجونه من بضائع وحذر تلويثها بالحرام فقال عليه الصلاة والسلام:

إِنَّ الشَّيْطَانَ وَالْإِثْمَ يَحْضُرَانِ الْبَيْعَ فَشُوبُوا بَيْعَكُمْ بِالصَّدَقَةِ

وفي حديث آخر للترمذي أيضا:

إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّارًا إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ

أما بعد، فيا أيها الإخوة البررة الكرام ونحن نسعد لاستقبال شهر رمضان المعظم يجدر بنا أن نُذَكِّرَ أنفسنا بما ينبغي أن نتحلى به من حميد السجايا ومن محاسن الخصال خصوصا عند البيع والشراء حتى لا نشوب صيامنا بما يعكر صفوه ويجعله مردودا علينا لا قدر الله. ففي رمضان يكثر ترويج البضائع ويتوالد الباعة فتصبح السوق مكتظة بمن يحسن التجارة وأيضا بمن لا يحسنها وهذا أمر طيب وعمل محمود ما دام يبقى في حدود الكسب الحلال غير مشوب باليمين الكاذبة ولا بالغش في السلعة ولا بالتطفيف في الميزان. فهو على كل حال من خير ما يدخله الإنسان إلى بيته من كسب حلال. فقد قال حبيبنا المصطفى:

مَا أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ طَعَامًا خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ

فالتجارة في حد ذاتها عمل مشروع ومطلوب ولكنها لا محالة مرهونة بما يرافقها من سلوك. فإما أن يكون من يتعاطاها صادقا في نفسه مع الله وفي تعامله مع الناس فينال بذلك رضاه سبحانه وثقة الناس به وإما أن يكون محترفا للغش والتدليس والاحتيال بما يضمن له ربحا سريعا ورزقا حراما فيكون بذلك مضيعا لصيامه، مبطلا لعمله، معرضا نفسه لسخط ربه:

وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ

نسأل الله أن يقينا شر هذه العاقبة آمين والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه. أيها الإخوة، إن الغش والكذب والتدليس والاحتيال وغُبنَ الناس بإخفاء عيبٍ في السلعة أو تغييرٍ في تاريخ صلاحيتها أو رفعٍ غيرِ مناسب في ثمنها أو احتكارٍ لها في انتظار اشتداد الحاجة إليها؛ كل ذلك من الأعمال المقيتة التي حرمها الله ورسوله ومن التصرفات المذيبة للبركة وحصول الرزق الحلال فقد قال عليه الصلاة والسلام في ما صح عنه:

الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا، بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا، مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا

وسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ؟ فقال:

عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ

والبيع المبرور هو الذي يكون سالما من كل أنواع الغش المذكورة آنفا خاليا من كثرة الحلف على جودته لأن هذا الحلف إذا كان كاذبا غمس صاحبه في النار والعياذ بالله، ففي الحديث:

إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمْحَقُ

ومعناه يبعث في أول الأمر على ترويج السلعة إلا أن الحقيقة الخادعة لهذه لا تلبث أن تظهر فإذا البركة تنتزع منه فيمحى عنه النفع والربح ويتعرض من اقترفه إلى الانغماس في جهنم والعياذ بالله جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ؟ قال:

الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: الْيَمِينُ الْغَمُوسُ، قُلْتُ: وَمَا الْيَمِينُ الْغَمُوسُ؟ قَالَ: الَّذِي يَقْتَطِعُ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا كَاذِبٌ

فكن أيها المسلم صدوقا في تجارتك أمينا في معاملتك تنل درجة هي خير درجة عند الله، مصداقا لقوله :

التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ

ثم يكفيك من ذلك كله أن تأتمر بأمر ربك لما أمرك بالصدق فقال لك:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ

فالله أكبر! اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا يا ربنا من الراشدين آمين اللهم وفق ولي أمرنا اللهم سدد خطاه وثبت مسعاه املأ قلبه بالإيمان ومنطقه باليقين واجعل فكره عامرا بذكرك. اللهم وأقر عينه بولي عهده وطاعة أسرته وكل شعبه آمين وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.