معنى الصلاة على الرسول وفضلها
الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى إذ لا ينبغي الحمد إلا له ونشكره جل وعلا إذ على الشكر هو كافل للزيادة ونشهد أنه الله، أمرنا بأمر بدأ فيه بنفسه ثم ثنى بملائكته فقال جل شأنه :
إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
ونشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبدُه ورسوله وصفيه وخليله ومصطفاه من خلقه دعانا للصلاة والسلام عليه فقال في ما رواه أحمد عن أبي هريرة:
صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهَا زَكَاةٌ لَكُمْ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا دَرَجَةٌ فِي أَعَلَى الْجَنَّةِ لَا يَنَالُهَا إِلَّا رَجُلٌ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ
أما بعد فيا أيها البررة الكرام هذه هي رابع جمعة في الربيع النبوي اخترت أن أخصص خطبتها للحديث عن معنى الصلاة على الرسول وفضلها عسى أن يكون ذلك حافزا لنا للإكثار منها والمداومة عليها. إن الصلاة والسلام على نبينا لهي من أعظم الأقوال التي يمكن للإنسان أن يتلفظ بها في حياته وهي واجبة على كل مسلم ولو مرة في عمره عملا بالأمر الوارد في الآية السالفة الذكر فما من مسلم إلا ويليق به أن يحرص على الصلاة على النبي محمد، خصوصا وأنه صلى الله عليه وسلم قال كما هو في مسند أحمد:
مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً، لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا صَلَّى عَلَيَّ، فَلْيُقِلَّ عَبْدٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِيُكْثِرْ
أما الإكثار فهو المعقول الذي لا غبار عليه وأما التقليل فلعله يكون من فعل المجانين أو عديمي اللب إذ من ذا الذي يدرك فضل الصلاة ثم يتركها فعن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ مَا شِئْتَ، قُلْتُ الرُّبُعَ؟ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ النِّصْفَ؟ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا، قَالَ إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ
ثم ألا يكفيك أيها الأخ المسلم أن تفوز بالقرب من الرسول يوم القيامة بفضل هذه الصلاة فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً
والصلاة على رسول الله أحبتي في الله هي عبارة عن تكريم وتشريف لنبينا محمد سنعود إن شاء الله تعالى للتفصيل فيه بعد جلسة الاستراحة فابقوا على اليقظة والحرص رحمكم الله وآخر دعوانا أن الحمد لله.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه، أيها الإخوة البررة الكرام، إن الصلاة على رسول الله عبارة عن تكريم وتشريف لحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك لأنه نبي آخرِ الزمان أرسله الله تعالى للناس كافة مبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فبلغ الرسالة بحق وأدى الأمانة على أحسن وجه فاللهم صل وسلم وبارك عليه عدد ما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون. وقال العز بن عبد السلام وهو من الأعلام:
ليست صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم شفاعة منا له، فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكن الله أمرنا بالمكافأة لمن أحسن إلينا فإن عجزنا كافأناه بالدعاء، فلما علم الله عز وجل عجزنا عن مكافأة نبينا أرشدنا إلى الصلاة عليه لتكون صلاتنا عليه مكافأة بإحسانه إلينا وأفضاله علينا، إذ لا إحسان أفضل من إحسانه عليه الصلاوة والسلام.
وإنما تكون الصلاة على النبي من المرء بقوله اللهم صل وسلم على محمد أو صلى الله عليه وسلم عند ذكر أو سماع اسمه الشريف وبإمكانك أيضا استعمالُ صيغة من الصيغ الواردة في ذلك علما منك بأن أفضل تلك الصيغ هي التي علمناها بنفسه عليه الصلاة والسلام فسماها الإبراهيمية:
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
أو ما يشبه ذلك من الصيغ التي يذكر فيها سيدنا إبراهيم فإذا سألت عن وقت وجوبها أو استحبابها فذلك مفتوح فقلها وجوبا في التشهد الأخير من الصلاة ثم كلما ذكرت اسمه أو ذكر عندك ثم أكثر منها ما شئت من غير تحديد لأن فوائدها كثيرة تكاد لا تعد منها امتثالك لأمر ربك وموافقته سبحانه وتعالى في الصلاة عليه وكفى بذلك شرفا ثم إنك بها تفتح لنفسك باب إجابة الدعاء وإدراك شفاعته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. اللهم تقبل منا صلاتنا عليه واجعلنا من أوليائك وثبتنا على صراطك وافتح قلوبنا لأهل طاعتك اللهم أعذنا من أن نقول زورًا أو نغشى فجورًا اللهم انصر ولي أمرنا اللهم سدد خطاه وثبت مسعاه واملأ قلبه بالإيمان ومنطقه باليقين وفكره بذكرك اللهم أسعده بصلاح ولي عهده ووفاء أسرته وشعبه آمين والحمد لله رب العالمين.