لا للعنف ضد المرأة
الحمد لله نحمده حمدا يوافي نعمه ونشكره شكرا يكافئ مزيده ونشهد أنه الله الذي لا إله غيره بين لنا حكمة فرض الستر على النساء فقال :
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا
ونشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبدُه ورسوله دخلت عليه أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصديق وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:
يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ
أما بعد فقد تكررت في الأيام الأخيرة الدعوات للقضاء على العنف ضد النساء وذلك بمناسبة اليوم الدولي لمحاربة هذه الظاهرة المشينة والذي تحييه الجمعية العامة للأمم المتحدة في الخامس والعشرين من نوفمبر من كل سنة. وإنما دعاني للكلام في هذا الموضوع ما نراه من عنف ضد المرأة في مجتمعاتنا التي من المفترض بل يقال إنها إسلامية. ألا إن مكارم الأخلاق التي جاء الحبيب من أجل إتمامها لا علاقة لها بالوحشية التي تعامل المرأة بها في مجتمعنا وما ترتب عن ذلك من عقائد بأن الدين هو الذي يأمر بذلك حتى أصبحوا يقولون، لا تخرج المرأة من بيتها إلا مرتين إلى بيت زوجها ثم إلى قبرها اللهم إن هذا منكر. فالآية التي قدمنا بها للكلام تقول ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين، فكيف لهن أن يؤذين من طرف من لا يعرفهن وهن قابعات في بيوتهن؟ فالمرأة لها الخروج من بيتها فتتمتع بجميع حقوقها على أن تؤدي واجباتها كما الرجل لا فرق بينهما. وإنما طلب منهن الستر عند الخروج فقط كي تكون الحرة العفيفة مصونة لا تصل إليها الأعين والأيدي الآثمة. أما وقد امتدت هذه الأخيرة حتى إلى المصونات بله غيرهن فقد وجب اتخاذ إجراءات فوق الستر إن أمكن لتتميز المصونة أكثر كما أصبح من الضروري وضع القوانين الكفيلة بردع كل من تسول له نفسه الاعتداء على المرأة. وهذا لن يتم إلا بإعادة النظر في المنظومة التربوية العامة التي تروم التأهيل الخلقي للرجال وللنساء على حد سواء ولله الحمد والمنة.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله وآله ومن والاه، إن إعادة النظر في المنظومة التربوية يقتضي منا تعليم الرجل والمرأة الحدود والحقوق، فلا الرجل يتمادى في غيه السلطوي لأن الله تبارك وتعالى يقول له:
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا
ولا المرأة تتمادى في غيها الفتان لأن الله تبارك وتعالى يقول لها:
فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
إن مكارم الأخلاق التي جاء الحبيب من أجل إتمامها هي التي جعلته يقول في إحدى آخر وصاياه قبل وفاته:
اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ . إِنَّ لَكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا
وفي حديث أبي داود والدارمي:
لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ، فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ قَدْ ذَئِرْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي ضَرْبِهِنَّ فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ
إن مكارم الأخلاق التي جاء الحبيب من أجل إتمامها هي التي جعلت نساء المسلمين الأوائل في أعلى مستويات العفة والحياء وأداء واجباتهن بتفان وإخلاص حتى قالت عائشة:
نِعْمَ النِّسَاءُ، نِسَاءُ الأَنْصَارِ، لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ
فلا غرو أن القضاء على العنف ضد النساء لن يتأتى كاملا إلا بالعودة إلى تعاليم الدين والاتصاف بكل الصفات والمحامد التي أراد تربية الناسِ عليها:
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
ألم تسمعوا إلى قول الله تبارك وتعالى:
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه اللهم ومُنّ علينا بأمن البلاد وصلاح البنات والأولاد والفوزِ يومَ المعاد بعد حياة مليئة بالسعادة والخير والعمل الجاد اللهم احفظ أمير المؤمنين وسدد خطاه وثبت مسعاه واملأ قلبه بالإيمان ونَوِّرْ منطقه باليقين وأصلح فكره بذكرك واجعلنا وإياه من الراشدين آمين يا أرحم الراحمين والحمد لله رب العالمين.