ظاهرة العنف ضد النساء ايست من الإسلام في شيء
الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمدا يليق به وحدَه، ونشهد أنه الله، أودع الرحمة في الأزواج فكان كل منهما سكنًا لصاحبه فقال:
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
ونشهد أن سيدنا محمدا رسولُ الله ظل يوصي بالنساء إلى أن ودَّع هذه الدنيا فقال في خطبته الخاتمة:
أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ
أما بعد فلقد أحيى العالم قبل أيام يوما للتعبئة ضدَّ العنف على المرأة وتبيَّن من خلال الإحصائيات أن كافة البلدان تعاني من هذه الظاهرة بما فيها التي يقال عنها متقدمة.
وإذا كان هذا الأمر لا غرابة فيه بالنسبة للشعوب التي تفتقد القيم والأخلاق حيث النساء فيها تباع وتشترى بلا حسيب ولا رقيب في وسائل الإعلام ولوحات الإشهار فإنه يؤلم الصدور ويدمي القلوب حين يقع في بلاد الإسلام التي من المفروض أن تكون متشبعةً بتعاليم الرسول الأكرم الذي قال عنه ربه
« بالمؤمنين رؤوف رحيم »
والقائل:
أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ
المرأة أيها المسلمون نصف المجتمع الأول. إنها أم الرجل وهي أخته وبنته ولولا هي لما كان. فماذا دهى المسلمين اليومَ يا ترى وقد أخذوا في سلك طريق من لا خلاق لهم!
إن الله تعالى يقول في سورة النساء:
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا
فإذا تذرع أحد بقوله تعالى في نفس السورة « واضربوهن » قلنا له إن سيِّدَ الوجود بيَّن حقيقة الأمر فقال:
إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا
وحين قال صلى الله عليه وسلم في بعض خطبه « لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ » جَاءَه عُمَرُ فَقَالَ ذَئِرَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ يا رسول الله فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ إلا أنه أَطَافَ بِآلِهِِ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم من الغد:
لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ.. لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ
إن الضرب والتعذيب والظلم أيها الأحبة يؤدي إلى نَّفور مُضَادٍّ لِحُسْنِ الْعِشْرَة الْمَطْلُوبَة في الزوجية وَمَهْمَا أَمْكَنَ الْوُصُول إِلَى الْغَرَض بِالْإِيهَامِ والموعظة كان ذلك هو الأصل فقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ عن عَائِشَة رضي الله عنها:
مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم اِمْرَأَة لَهُ وَلَا خَادِمًا قَطُّ وَلَا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلَّا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ تُنْتَهَكُ حُرُمَاتُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وفي حديث النبي الكريم وجعلني وإياكم من المؤمنين الصادقين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على حبيب الله. كيف مع كل هذا يُبيح بعضهم لنفسه ما لا يقبله العقل من ضرب وتعد وحرب نفسية لا تكاد تنتهي مع أن النبيَّ الأكرم ينهى عن ذلك وهو يعظ في النساء فيقول:
مَا بَالُ الرَّجُلِ يَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ وَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا فِي آخِرِ يَوْمِهِ
إن حسن المعاشرة من الرجل مع زوجه مطلب شرعي لا بد أن نرعاه عباد الله فالمرأة لها حقوق لا يجوز بحال من الأحوال أن تضيع:
وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ
وعلى الرجل أن يصبر إذا صدر ما يُغضبه منها عسى أن يُبدله الله بتلك الساعة خيرا فينسى ما فات من سوء وضنك وغضب وإذا بلغ السيل الزبى كما يقولون فاعلموا أن الله جل وعلا وتبارك وعز يقول:
فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُؤا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
فيا عباد الله إياكم وهجرَ الزوجات بلا سبب أو إيذاءَهن بغيرِ حق فإن ذلك موحش لقلوبهن منبت للعداوةِ في نفوسهن واعلموا رحمكم الله أن العنف لا يقتصر على هذا فقط وأن النهي عن الضرب لا ينحصر في البيت فحسب، بل في كل مناحي الحياة فكيف يعقل أن يظهر في مجتمعنا المسلم من يعتدي على الأعراض ويفعل ما يفعل ببنات المسلمين من طائعات ومكرهات ولا ينهاه ضميرٌ ولا إيمان ولا عقل عن فعله الشنيع حتى مع القاصرات.
اللهم إنا نبرأ إليك مما يفعل هؤلاء ونسألك يا رب أن تجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن يا أكرم مسؤول ويا خير مأمول.. اللهم أصلح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرِنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا وأصلح لنا آخرتَنا التي إليها معادنا. اللهم اجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير واجعلِ الموتَ راحةً لنا من كلِ شر.
اللهم إنا نسألك فعلَ الخيرات وتركَ المنكرات وحبَ المساكين وإذا أردت بقومٍ فتنةً فأقبضنا إليك غير فاتنين ولا مفتونين.. نسألك يا رب حبَّك وحبَّ مَن يُحبُّك وحبَّ كلِّ عملٍ يقربنا مِنْ وإٍلى حبِّك. اللهم إنا نسألك لولي أمرنا التوفيق والسداد والنجاح والرشاد في كل عمل يقدمه لهذه البلاد. اللهم كن له الولي والنصير والمعين والظهير يا سميع يا بصير.
ربنا إياك سألنا ولإحسانك تعرضنا فأقبل اللهم بوجهك الكريم علينا فلا إله لنا سواك ولا رب لنا غيرَك أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين آمين.. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.