معنى الأخوة
الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى ونشكره ونتوب إليه ونشهد ألا إله غيره بيّن أساس العلاقة التي يجب أن تقوم بين المؤمنين فقال:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
ونشهد أن سيدنا محمدا رسولُ لله كرَّس هذا المعنى بقوله صلى الله عليه وسلم:
الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ
أما بعد فلقد كثرت في هذا الزمان الخصومات وطغت العداوات بينما تعاليمُ الإسلام تشجع على حفظِ أواصرِ الأخوة وتحث على صلة الرحم بصدق. فليست هناك دواعٍ معقولةٌ تدفع الناس إلى أن يعيشوا أشتاتا متنافرين وليست هناك دواع تبرر التباغض والتدابر بينهم بل ليست هناك دواع معقولةٌ أو غيرُ معقولةٍ تبرر الحقد الدفين والسطو على حرية الأبرياء وترويعَ الآمنين والحكم عليهم مجانا بالإعدام! إن من حقوق الأخوة على المسلم أن يكره المضرة للمسلمين أينما كانوا وأن يبادر إلى دفعها بما استطاع من قوة لا أن يستخدم وسائل الإرهاب وطرق التخويفِ والظلم للوصول إلى غاية لا تحمد بل لا تقبل بوجه من الوجوه. فهذا لا يعدو أن يكون إلا تصرف لئيم لا يليق أبدا بالمسلمين فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَبْلٍ مَعَهُ فَأَخَذَهُ فَفَزِعَ، فَقَالَ :
لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا
فما بالك بمن يختطفون المسلمين ويغيبونهم عن الأنظار ثم يهددون بقتلهم أو لا قدر الله قتلوهم. إن هذا الأمر لا يجوز مع المعاهدين من غير المسلمين فكيف يبيحه لنفسه من يدعي الدفاع عن الإسلام؟!
وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا
إننا أيها الأحباب من أعلى هذا المنبر بقدر ما نندد بما يقع في بلاد الرافدين من تشريد وتقتيل لإخوتنا على يد الظالمين من غير المسلمين بقدر ما نشجب بقوة هذه العمليات الجبانة التي تستهدف المدنيين الأبرياء باسم الدين والدين منها ومن أصحابها ومن القائمين عليها براء. روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ.. دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ
وعلى هذا فالاختطاف الأخير الذي تعرض له أخونا في العراق إنما هو جريمة فظيعة واعتداء شنيع يرفضه الإسلام ولا يقره بل يعتبر المقدمين عليه من قبيل أولئك الخوارج الذين حاربوا الله ورسوله ممن قال فيهم رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فيما يرويه ابن ماجه عن عبد الله ابْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه:
الْخَوَارِجُ كِلاَبُ النَّارِ
أعاذنا الله وإياكم من شر الخلق آمين والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد، فإن الله تعالى أرسل إلينا محمدا ليُرشِدنا إلى كل ما من شأنه أن يحفظ علينا أخوتنا وإن من مبادئ هذه الأخوة إسداءُ النصيحة. ومن ثم نقول للمختطفين ألا فاتقوا الله وأطيعوا رسوله إن كنتم حقا مؤمنين كما تقولون فإن الإسلام لا يُنشر بهذه الطريقة ولا يحتاج إلى لئام يعمدون إلى تلطيخ صورته وتشويه سمعته..
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ .. وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه عدد أبراج السماء وأمواج البحار ورمال الصحاري كلما ذكرك وذكره الذاكرون وغفل عن ذكرك وذكره الغافلون. اللهم اجعلنا من المتحابين فيك واجعلنا إخوانا على سرر متقابلين نحب بحبك كل من يحبك ونبغض ببغضك أفعال من يغضبك. اللهم وحد صفوفنا على الالتزام بشريعتك وتحكيم كتابك والذود عن مقدساتك والحفاظ على آصرتك. اللهم انصر المجاهدين في كل مكان واقهر المعاندين من أنصار الشيطان وفك اللهم أسر المسجونين والمختطفين يا رحيم يا رحمن.
اللهم احفظ ولي أمرنا. اللهم سدّد خطاه وثبت مسعاه إلى ما تحب وترضاه اللهم اجعل قرة عينه في الصلاة وأسعده بصلاح سائر أفراد أسرته واجعل كل ما يقوم به لفائدة شعبه في ميزان حسناته.
بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإيّاكم بما فيه من الآيات والذّكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر اللهَ لي ولكم ولجميع المسلمين من كلّ ذنب عظيم فاستغفروه إنّه غفور رحيم.