La bonne nutrition du jeûneur

التصرف الغذائي السليم عند الصائم

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى أن جعلنا مسلمين ونشكره سبحانه أن تفضل علينا بشهر الصوم الكريم ونشهد أنه الله أرشد عباده إلى ترك الإسراف في الأكل والشُّرب فقال:

وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ


ونشهد أن سيدنا محمدا رسولُ الله عَبَّرَ عن نفسِ هذا المعنى فقال:

مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ

أما بعد فيوشك أن يُهِلَّ علينا شهرُ رمضان فتَحُلَّ بنا أيّامٌ مباركةٌ طيبةٌ يعظم فيها الأجر ويتسابق المؤمنون خلالها للتزود بالتقوى. وإنه لشهرٌ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ فيفوزُ حقا من أحب من المؤمنين أن يكون من الفائزين..
وإن خيرَ ما يفعله المسلم في رمضان تدريبَ نفسه على كلِّ عمل يرضاه الكريم المنان. قال تبارك وتعالى:

أَمَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ، قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ .. قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ

وإن من بين مقاصد شهر الصيام أن يتدرب الإنسان على التقليل من الطعام. فالمقصود هو أن يقل وزن الفرد لا أن يزداد. وإنه لواقعٌ غيرَ حميد هذا الذي نراه في مجتمعاتنا يستدعي منا إعادة النظر في العقلية التي ننظر بها إلى هذا الموسم حيث تُجند كلُّ الوسائلِ السمعية البصرية لإقناع العامة بأن الميزانية ستكبر وبأن النفقة ستزداد إلى حد الالتجاء إلى إشهار القروض الربوية المحرمة التي يتم تسديدها على فترات تفوق السنة فتأتي بضعُ رمضانات والمدين المسكين لا يزال يؤدي دَيْنَهُ الأول بغض النظر عن ما إذا كان قد أخذ قرضا آخر في العام القابل! فيا لها من مهزلة ويا له من تناقض.. شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن شهرُ التقوى والغفران تمول مؤونته بالمال الحرام! فأين نحن من الصيام لله الذي من المفروض أن يجزي به الرحمان؟ في الحقيقة أيها الإخوان أنه لا يحتاج الإنسان في رمضان إلى مد اليد متسولا ولا طالبا لقرض مهما بلغ به النقصان لأن من لديه وفرةُ رزقٍ لا يتركه ولا يَحْرِمُهُ يَدَ العونِ التي أمره بها الملك الديان. ففي الصحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ .. فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ

فلا يُستساغ أنَّ مسلما يبيت وهو شبعان في وقت يكون بجواره من يئن تحت وطأة الجوع والنقصان.
نفعني الله وإياكم بالقرآن وبحديث النبي العدنان وجعلني وإياكم حقا من عباد الرحيم الرحمان.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. فإذا أكلت أيها المسلم فكر في أخيه ولا تشتغل بأكل أكثرَ مما تطيق لأن ذلك حتما يؤدي بك إلى التخمة ثم إلى المرض لا قدر الله ثم لربما إلى فوات أجر الصيام. فكن على بينة من أمرك وكل في توازن تام. نوع طعامك بقدر ما تحتاج إليه ذاتك واحرص على توزيع ما بقي لديك منه نقيا على فقراء المسلمين واعلم يقينا أن:

مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا

حاول أيها المسلم الصائم الحبيب ألا تدخلَ في وصف ذلك المستشرق وهو يهزَأ من أمتك، أمةِ رمضان:
يقضون الليل في تناول الوجبات المتخمة وبائعو المشروبات والحلويات يصيرون عندهم أصحاب مشاريع وبعد أربعين يوما من الأكل والشرب يخلدون نهاية شهر صومهم بعيد الطعام!
بل كن على يقين وكما قال أحد كبار علماء القرن الماضي أن:
شهرَ رمضان هو شهر الصيام وليس شهرَ الطعام.. شهرَ إشعار الإنسان أنه روح قبل أن يكون جسما وعقلٌ قبل أن يكون هوى وغرائز
فما بال أقوام عند قدومه وحلول الأيام المبشرة به يصبحون لا شغل لهم إلا الكلامَ عن أنواع الأطعمة وألوان الأشربة وكأن الإمساك فيه لسويعات معدودة من قبيل المعجزة. فإذا ما حان موعد المغرب انقضوا على موائدهم الملونة فإذا بالليل يتحول عندهم إلى عرس لا ينقطع فيه الطعام ولا الشراب ولا الدخان فينتقلون فيه من إفطار بالحريرة وما جاورها من حلويات مقلية إلى قهوة وشاي ورغائفَ ممهدةٍ لعَشاء سيأتي في وقت هو منتصف الليل حين تكون الإفرازات الهرمونية في أدنى مستوياتها اليومية أي عندما يكون الجسم في أشد الحاجة إلى الراحة عوض تثقيله بالمواد الدسمة والأكلات المتخمة.. متى سينام هذا المسكين ومتى سيستيقظ ليصادف منادي الله يا باغي الخير أقبل؟!
اللهم فقهنا في ديننا ودلنا على ما فيه رشدُنا. اللهم بارك لنا في شهر شعبان وبلغنا أيام رمضان واكتبنا في سجل من سيصومه مؤمنا ويقوم لياليه محتسبا. اللهم حبب لنا فيه قراءة القرآن وأداء الصلوات جماعة يا كريم يا منان. اللهم إنا نسألك فيه لأمير المؤمنين التوفيق والسداد في كل ما يقوم به من خير لصالح ساكنة هذا البلد الأمين. اللهم اجزه عن أمته خيرا وعوضه يا رب خيرا واجعله من عبادك الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
اللهم إياك سألنا ولإحسانك تعرضنا فأقبل اللهم بوجهك علينا ولا تردنا خائبين ولا عن رحمتك مطرودين وصل اللهم وسلم على نبيك الأمين والحمد لله رب العالمين.